للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحديث يبينِّ أهمية المبادرة إلى بذل الصدقة والمعروف، فالإنسان حين يبذل المال وهو في تمام صحته وعنفوان حياته، وهو إليه محتاج وعليه حريص، ينتابه الخوف من الفقر، وتتملكه الرغبة في جمع المال حباً له أو حيطةً لمستقبله ومستقبل عياله، هذا الإنسان حين يتصدق ويبذل فإنه يكون قد نجح في الامتحان، فغلب توكُلُه الصادقُ على كل الوساوس والخطرات، قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (١).

فالشيطان إذاً يورد على ابن آدم خواطر الشر والشك في وعد الله تعالى من الثواب على الأعمال الصالحة والصدقات وبذل المعروف ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما نقصت صدقة من مال) (٢).

فيورد عليه الشيطان الوساوس يقول: أمسك عليك مالك فإنك تحتاجه، وبادر إلى اللذات والنعيم بالدنيا قبل فواتها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيناً الصراع الذي ينتاب الإنسان بين وساوس الشر يلقيها الشيطان وخواطر الخير يلقيها الملاك: للشيطان لَمَّةٌ بابن آدم وللمَلَك لَمَّة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق. وأما الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم قرأ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب (٣).

ولعل أقوى ما يدفع لَمَّة الشيطان وإلقاءه الوساوس حال الاقتراب من الإنسان أن يبادر الإنسان إلى فعل الطاعة. وبذلك يقطع السبيل على الوساوس والخطرات التي تستهدف إضعاف إيمانه والنيل من توكله على الله تعالى وتصديقه بوحيه وإخباره.


(١) البقرة:٢٦٨.
(٢) صحيح مسلم حديث رقم ٢٥٨٨.
(٣) سنن الترمذي حديث رقم ٢٩٨٨ (ط. شاكر) والآية من سورة البقرة: ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>