للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْبَدٍ، وغَزَواتُ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - وسَرَايَاهُ، وأَسَامِي سِلَاحه، وأَسَامِي خُيُوله، وحِمَارِه، ونَاقَتِهِ، وذِكْرِ أَوْلَادِهِ، وكُتُبِهِ - صلى الله عليه وسلم -، ووُفُودِ العَرَبِ عليه - صلى الله عليه وسلم -، وكُتَّابِهِ - صلى الله عليه وسلم -، والقَطَائِعِ والعَطَايا التِّي أَعْطَاهَا، وحَجَّةِ الوَدَاعِ، ووَفَاتَهِ - صلى الله عليه وسلم -، وغَير ذَلِكَ.

ولا شَكَّ أنَّ دِرَاسَةَ السِّيرَةِ النَّبَويَّةِ ومَعْرِفَتِها لَيْسَ القَصْدُ مِنْها تَتَبُّعُ الأَحْدَاثِ التَّارِيْخِيَّةِ ووَقَائِعِها وتَدْوِينها، أو سَرْدُ جُمْلَةٍ مِنَ القَصَصِ والأَحْدَاثِ فَحَسْب، وإنَّمَا الغَرَضُ مِنْ دِرَاسَتِها تَكْوِينُ صُورَةٍ وَاقِعيَّةٍ للحَيَاةِ الإسْلَامِيَّةِ، مُتَجَسِّدَةً في حَيَاتهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلامُ، حَيْثُ كانتْ سِيرتُهُ - صلى الله عليه وسلم - تَرْجَمَةً عَمَلِيَّةً ووَاقِعيَّةً لِمَبَادِئ الإسْلَامِ وقَوَاعِدِه وأَحْكَامهِ، قالَ الإمامُ ابنُ كَثِيرِ (١): (وهَذا الفَنُّ -يَعْنِي المَغَازِي- مِمِّا يَنْبَغِي الاعْتِنَاءُ به، والاعْتِبَارُ بأَمْرِه، والتَّهيُّؤ لَهُ، كَمَا رَوَاهُ مُحمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِديُّ عَنْ عَبْد اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبيه، قال: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ يَقُولُ: كُنَّا نُعَلَّمُ مَغَازِي النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا نُعَلَّمُ السّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، قالَ الوَاقِديُّ: وسَمِعتُ مُحمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمِّي الزّهْرِيَّ يَقُولُ في عِلْمِ المَغَازِي: عِلْمُ الآخِرَةِ والدُّنيا).

ولأَجْلِ هَذِه الأَهمِّيةِ بالسِّيرَةِ النَّبَويَّةِ فقدْ عَنِيت الأُمَّةُ بِها عنَايةً فَائِقَةً، واشْتَغَلتْ بِها مُنْذُ القَرْنِ الأَوَّلِ، وأَوَّلُ مَنْ صنَّفَ فِيها: عُرْوَةُ بنُ الزَّبَيْرِ (ت ٩٤)، ثُمَّ أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ (ت ١٠٥)، ووَهْبُ بنُ مُنَبِّه (تُوفيِّ سنةَ بِضْعَ عَشرَةَ ومَائةٍ)، وشُرَحْبِيلُ بنُ سَعْدٍ (ت ١٢٣)، وعَبْدُ اللهِ بنُ أَبي بَكْرِ بنِ حَزْمٍ (تُوفيِّ بعد سنة ١٢٠)، وعَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قُتَادةَ (تُوفيِّ بعد ١٢٤)، ومُحمَّدُ بنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ


(١) البداية والنهاية ٥/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>