للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكِرْمَانَ، وكَثُرَ تَبَعَهُ، وقَوِي أَمْرُه، ومَلَكَ تِلْكَ البِلَادَ، وكَانتْ بَيْنَهُ وبينَ عُمَّالِ مَرْوَانَ وَقَائِعَ وحُرُوبٍ كَثِيرَةٍ، ولَمْ يَزَلْ هُنَاكَ إلى أنْ جَاءَتْ الدَّوْلةُ العبَّاسِيَّةِ، ثُمَّ حَارَبهُ مَالِكُ بنُ الهَيْثَمِ صَاحِبُ أَبِي مُسْلِمٍ فَظَفَر بهِ، وحَمَلهُ إلى أَبِي مُسْلِمٍ (١).

وكانَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ في خِلَافتهِ عَقَدَ العَهْدَ بَعْدَهُ لابْنَيْهِ: عَبْدِ اللهِ وعُبَيْدِ اللهِ، أَحَدُهُمَا بعدَ الآخِرِ، فَقُتِلَ مَرْوَانُ، وخَرَجَ الأَمْرُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وهَرَبَ عَبْدُ الله وعُبَيْدُ اللهِ ابْنَا مَرْوَانَ إلى بِلَادِ النَّوْبَةِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللهِ هُنَاكَ، وعَاشَ عُبَيْدُ اللهِ إلى أَيَّامِ المَهْدِيِّ مُسْتَخْفِيًا ثُمَّ مَاتَ.

وقِيلَ: مَلَكَ الوَلِيدُ بنُ يَزِيدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثُمَّ قَتَلَهُ ابنُ عَمِّه يَزِيدُ بنُ الوَلِيدِ ابنِ عَبْدِ المَلِكِ في جُمَادَى الآخِرةِ، فَمَلَكَ بَعْدَهُ يَزِيدُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وهَلَكَ في ذِي الحِجَّةِ، وبُويِعَ إبْرَاهِيمُ بنُ الوَلِيدِ في ذِي الحِجَّةِ، فَسَارَ إليه مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، ويُقَالُ: مَرْوَانُ الجَعْدِيُّ، سَنَةَ سَبْعٍ، وخَلَعَ إبْرَاهِيمُ نَفْسَهُ ومَلَكَ مَرْوَانُ.

ثُمَّ بُويِعَ فِيهَا مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ، ويُقَالُ: مَرْوَانُ الجَعْدِيُّ نَسَبَ إلى رأْي الجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ، ويُلَقَّبُ بالحِمَارِ، وَهُو آخِرُ مَنْ مَلَكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ (٢).


(١) مالك بن الهيثم هو ابن عوف بن وهب بن عميرة، أبو نصر الخزاعي المروزي أحد وجوه دعاة بني العباس، يُنظر: تاريخ دمشق ٥٦/ ٥١٦.
(٢) لقب بالحمار لأنه كان لا يجف له لبد في محاربة الخارجين عليه، كان يصل السير بالسير ويصبر على مكاره الحرب، ويقال في المثل: فلان أصبر من حمار في الحروب، فلذلك لقب به، وقيل: لأن العرب تسمي كل مائة سنة حمارا، فلما قارب ملك بني أمية مائة سنة لقبوا مروان بالحمار لذلك، يُنظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٠٢.