والأَضْغَانَ، ولكنْ أَجْلِسُوا لَهُ سِمَاطَيْنِ عَلَى طَرِيقِه فارْمُوا قَدَميْهِ وسَاقَيْهِ، واتَّقُوا مَقَاتِلَهُ، وصِيحُوا بهِ وازْجُرُوهُ أنْ يَعُودَ إلينَا، فَفَعلُوا، فَجَعَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَرْفَعُ وَاحِدَةً مِنْ قَدَميْهِ يمْشِى مُنْطَلِقًا إلَّا رَمَوا قَدَمَيْهِ وسَاقَيْهِ حتَّى جَلَسَ، فإذا جَلَسَ صَاحُوا بهِ، وأَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ فأَقَامُوهُ ثُمَّ رَمَوْهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ بهِ حتَّى خَرَجَ مِنْ بَين سَمَاطِيهِم، ثُمَّ أَمَرُوا صِبْيَانَهُم وإمَاءُهُم فأَتْبَعُوهُ بالحِجَارَةِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ مِنَ الطَّائِفِ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِم مُوجَعَا خَائِفًا يَسِيلُ قَدَمَيْهِ وسَاقَيْهِ دَمًا، حتَّى انْتَهى إلى بَعْضِ حِيطَانِ الطَّائِفِ، فإذا فيهِ عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ شَمْسٍ، وأَخُوهُ شَيْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، ومَعَهُمَا عَبْدَهُما عَدَّاسٌ، وَهُمَا يَقْطِفَانِ كَرْمًا لَهُم، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا عَرَفَ عَدَاوَتَهُمَا لله ولِرَسُولهِ فَقَصُرَ عَنْهُمَا وجَلَسَ في أَصْلِ حَبْلَةٍ يَغْسِلُ عَنْ قَدَمَيْهِ وسَاقَيْهِ الدِّمَاءَ، وأَعْجَبَهُمَا الذي فَعَلَتْ ثَقِيفٌ مِنَ الأَذَى، واسْتَحْيَا أنْ لاَ يُطْعِمَاهُ مِنَ العِنَبِ، فأَمَرا غُلَامَهُمَا عَدَّاسًا يأْتِيهِ مِنْ عِنَبِهَا بِعِنَبٍ، فَوَضَعهُ لهُ وجَلَسَ إليهِ، وجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يأكُلُ مِن العِنَبِ، ويَقُولُ: يا عَدَّاسُ، مِنْ أَيَّةِ أَرْضٍ أنتَ؟ قالَ لَهُ: أَنا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَيْنَوَى، فقالَ لهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مِنْ أَهْلِ مَدِينة المرءِ الصَّالِحِ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ عَدَّاسٌ: ومَن المَرْءُ الصَّالِحُ؟ قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: هُو يُونُسُ بنُ مَتَّى، قالَ لَهُ عَدَّاسٌ: هَذا عَرَفْتَ يُونُسَ، مَا يُدْرِيكَ مَا مَتَّى؟ فَوَالله لَقَدْ خَرَجْتُ مِنْ أَرْضِي ومَا بِهَا عَشَرةٌ يَعْلَمُونَ مَا اسْمُ أَبِي يُونُسَ، قالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَنا عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ، ويُونُسُ عَبْدُ الله ورَسُولُهُ، قالَ لَهُ عَدَّاسٌ: فإنْ كُنْتَ صَالِحًا فأَخْبرنيِ عنهُ وحَدِّثْنِي مِنْ حَدِيثهِ بِمَا أَعْرِفُ، فَفَعلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليِّهِ وسلمَ - وحدِّثهُ حَدِيثَ يُونُسَ، فَعَرفَهُ عَدَّاسٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute