للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبي حَبِيبٍ، عَنْ أَسْلَمَ أَبي عِمْرَانَ حدَّثَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ونَحْنُ بالمدِينَةِ: إنِّي أُخْبِرتُ عَنْ عِيرِ أَبي سُفْيَانَ أَنَّهَا مُقْبِلَةٌ، فَهَلْ لَكُم أنْ نَخْرُجَ قِبلِ هَذِه العِيرُ، لَعَلَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَغْنَمْنَاهَا، فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَخَرَجَ وخَرَجْنَا، فَلَمَّا سِرنا يَوْمًا أَو يَوْمَينِ قالَ لَنا: مَا تَرَوْنَ في القَوْمِ فإنَّهُم قدْ أُخْبِرُوا بِمَخْرَجِكُم؟ فَقُلْنَا: لَا واللهِ مَا لَنَا طَاقَة بِقِتَالِ العَدُوِّ، ولَكِنَّا أَرَدْنَا العِيرَ، ثُمَّ قالَ: مَا تَرَوْنَ في قِتَالِ القَوْمِ؟ فَقُلْنا مِثْلَ ذَلِكَ، فقالَ المِقْدَادُ بنُ عَمْرو: إذًا لا نَقُولُ لكَ يا رَسُولَ الله كمَا قالَ قَوْمُ مُوسَى لمُوسَى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [سورة المائدة، الآية: ٢٤] قالَ: فَتَصمَّتْنَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَوْ أَنَّنا قُلْنَا كمَا قالَ المِقْدَادُ أَحَبَّ إلينَا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَنا مَالٌ عَظِيمٌ، قالَ: فأَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وتَعَالىَ عَلَى رَسُولهِ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦)} [سورة الأنفال، الآية: ٥ - ٦]، ثُمَّ أَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وتَعَالىَ: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [سورة الأنفال، الآية:١٢]، قال: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [سورة الأنفال، الآية: ٧] و (الشَّوْكَةُ) القَوْمُ، و (غَيْر ذَاتِ الشَّوْكَةِ) العِير، فَلَمَّا وَعَدَنا الله إحْدَى الطَّائِفَتَين: إمَّا القَوْمُ، وإمِّا العِيرُ طَابَتْ أَنْفُسُنَا، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ رَجُلًا [لِيَنْظُرَ] (١) مَا فيِ قِبَلِ القَوْمِ، فقالَ: رأَيْتُ سَوَادًا ولا أَدْرِي، فقالَ


(١) جاء في الأصل (فينظر) وما وضعته من المعجم الكبير، وهو المناسب للسياق.