للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَاءَكُم جَدُّكْم، قالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ، وأَنَاخَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عِذْقٍ، ومَعَهُ أَبو بَكْرٍ رَضِيَ الله عنهُ، حَتَّى أَصَابَت الشَّمْسُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ أَبو بَكْرٍ رَضِي اللهُ عنهُ فأَظَلَّهُ بِرِدَائهِ، فَعَرفَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ، ونَزَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَنِي عَمْرو بنِ عَوْفٍ، فأَقَامَ بِهَا ثلَاثَ لَيَالٍ، وأَسَّسَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المَسْجِدَ، وبَنُو عَمْرو بنِ عَوْفٍ يَقُولُونَ: إنَّهُ قدْ أَقَامَ فِيهِم أكثَر مِنْ ذَلِكَ، وكانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأَصحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ في بيتِ سَعْدِ بنِ خَيْثَمَةَ، وكانَ مخْرَجُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ العَقَبةِ شَهْرَيْنِ ولَيَالٍ، وبُويِعَ في أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ في ذِي الحِجَّةِ، وخَرَجَ لإهْلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فَقَدِمَ المدينةَ يَوْمَ الاثْنَين لِثِنْتَيْ عَشَرةَ مَضَتْ منهُ، فقالَ في ذَلِكَ صِرْمَةُ بنُ أَبي أَنَسِ بنِ مَالِكِ بنِ عَدِيِّ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجّارِ، وكَانَ يُكْنَى أَبا قَيْسٍ، وكانَ يَذْكُرُ شأْنَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومَا لَقِيَ مِنْ قَوْمهِ بِمَكَّةَ:

ثَوَى بِمَكَّةَ بضْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً ... يُذَكِّرُ لَو يَلْقَى خَلِيلًا مُوَاتِيا

ويَعْرِضُ في أَهل المَوَاسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِي ولم يَرَ دَاعِيا

فَلَمَّا أَتَانا واسْتَقَرَّت به النَوَى ... وأَصبَحَ مَسْرُورًا بطَيْبَةَ رَاضِيا

وأَصْبَحِ لا يَخْشَىِ عَدَاوَةَ وَاحدٍ ... قَرِيب ولا يَخْشَى مِنَ النَّاس نَائِيا

بذَلْنَا لهُ الأَمْوَال مِنْ حِلِّ مَاَلِنَا ... وأَنْفسَنا عندَ الوَغَى والتَّآسِيا

أَقُولُ إذا صَلَّيْتَ فيِ كُلِ بَيْعَةٍ ... حَنَانَيْكَ لا تُظْهِرْ عليَّ الأعَادِيا

أَقُولُ إذا جَاوَزتُ أرْضًا مُخوفَةً ... نَهَارًا على اسْمِ الإلهِ وسَارِيا

فَطَأ مُعْرِضًا إنَّ الحُتُوفَ كَثِيرَةٌ ... وإنَّكَ لا تُبْقِيَ لِنَفْسِكَ بَاقِيا

قالَ: وصِرْمَةُ الذي نَزَلَ فيهِ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [سورة البقرة، الآية:١٨٧] وذَلِكَ أنَّهُ نَامَ ولمْ يُفْطِرْ، ولمْ