يُرِيدُ قَتْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ رآهُ عُمَرُ رَضِيَ الله عنهُ فَخَافَ شَرَّهُ، فأَتَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: احْفَظُوا أَنْفُسَكُم، فَإنِّي أَخَافُ عُمَيرًا، إنَّهُ رَجُلٌ فَاتِكٌ، ولَا أَدْرِي مَا جَاءَ به وإنِّي أَخَافُ شَرَّهُ، قالَ: فأَطَافَ المُسْلِمُونَ بِرَسُولِ اللهِ، قالَ: وجَاءَ عُمَيْرُ حَتَّى أَتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُو مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فقَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا -وكَان سَلامَهُم في الجَاهِليَّةِ- فقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: قَدْ أَبْدَلَنا اللُّهَ تَبَارَكَ وتَعَالىَ بِهَا مَا هُو خَير مِنْهَا السَّلَامُ، قالَ عُمَيْرُ: أَمَّا إنِّي قَدْ أَلْفَيْتُهُ دِينًا وأَنْتَ بِهَا مُعْجَبٌ، فقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ما جَاءَ بكَ يَا عُمَيْرُ؟، قالَ: حَاجَةٌ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: فَمَا بَالُ السَّيْفِ؟ فقالَ عُمَيْرُ: قَدْ حَمَلْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ فَمَا أَفْلَحَتْ ولَا أَنجحَتْ، فقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: فَمَا قَوْلُكَ لِصَفْوَانَ وأَنْتَ في الِحجْرِ: لَوْلَا عِيَالي ودَيْنِي كُنْتُ أَنا الذِي أَقْتُلُ مُحمَّدًا، فأَخْبَرهُ الخَبَر، فقَالَ عُمَيْرُ: هَاهْ، كَيْفَ قُلْتَ؟ فأَعَادَ عَلَيْهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - القَوْلَ، فقَالَ عُمَيْرُ قَدْ كُنْتَ تُحدِّثْنَا عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَنُكَذِّبَكَ، فأَرَاكَ تَعْلَمُ خَبَر الأَرْضِ، أَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وإنَّكَ رَسُولُ الله، ثُمَّ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بأَبِي أَنْتَ وأُمِّي أَعْطِنِي مِنْكَ التي قَدْ دَخَلْتَ بها مكَّةَ، فإنَّهُ لَيْس أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إلّا قَدْ رَآهَا عَلَيْكَ، فَأْعَطَاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْهُ: لَقَدْ جَاءَ عُمَيْرُ وإنَّهُ أَضَلُّ مِنْ خِنْزِيرٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَهُو أَحَبُّ إليَّ مِنْ وَلِدِي (١).
ولأَنَّهُ حَدِيث حَسَنٌ في عَلَامَاتِ النُّبُوةِ، ونُفُوذِ عِلْمِ الله وقُدْرَتِهِ في خَلْقِهِ.
(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير ١٧/ ٦١ بإسناده إلى عبد الرزاق به، ورواه أبو نعيم في الدلائل (٤١٣) بإسناده إلى عروة بن الزبير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٥٠٨: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.