للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عَن الزُّهْرِيِّ قالَ: وغَزَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَطَفَانَ، فَلَقِيَهُ عَوْفَ بنَ الحَارِثِ (١)، رَجُلٌ مِنْ محُارِبَ، وأَخَذَ السَّيْفَ وقالَ: مَنْ يَعْصِمُكَ مِنِّي يَا مُحمَّدُ؟ قالَ: اللهُ، فأَلْقَى السَّيْفَ، فَخَرَّ مِنْ يَدِه السَّيْفُ، فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهُمَّ اكْفِنَا عَوْفًا بِمَ شِئْتَ، فَدَلَجَ بينَ كَتِفَيْهِ فَخَرَّ مَيْتًا. وقالَ: هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (٢).

وفِيهَا قَصُرَتِ الصَّلَاةُ كَمَا ذَكَرُوا واللهُ أَعْلَمُ، قالَ الله تَبَارَكَ وتَعَالىَ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فيِ الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مّبِينا} [سورة النساء: ١٠١].

ولَا يُدْرَى مَتَى كَانَتْ هَذِه الغَزْوَةُ، أَقْبَلَ بَدْرٍ أَو بَعْدَهُ، أَو فِيمَا بَيْنَهُ وبَينْ أُحُدٍ، أَو مِنْ بَعْدِ أُحُدٍ (٣).

...


(١) ويقال له أيضاً: غورث بن الحارث، وهذا ما صححه الناسخ في الحاشية.
(٢) رواه الخطابي في غريب الحديث ١/ ٣٠٨ بإسناده إلى محمَّد بن فليح به، وهو مرسل والمتن شاذ، وقد روي من وجه آخر صحيح، رواه البخاري (٢٧٥٣) من حديث جابر بن عبد الله، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه، ولم يدعُ عليه.
وقال الخطابي: قوله (فدلج بين كتفيه) هو غلط، والصواب زلخ، وقال ابن الأثير في النهاية ٢/ ٧٦٨: يقال: رَمى الله فُلانا بالزُّلخَّة -بضم الزاى وتشديد اللام وفتحها- وهو وجَعٌ يأخُذ في الظَّهر لا يتحركُ الإنسانُ من شِدَّته.
(٣) جاء هذا التردد في مغازي موسى بن عقبة ص ٢١٤، وقال الأستاذ محمَّد باقشيش في الحاشية: ذكره عنه ابن القيم في زاد المعاد ٣/ ٢٥٤ وقال: ولقد أبعد جدا، إذ جوّز أن تكون قبل بدر، وهذا ظاهر الإحالة، ولا قبل أُحُد، ولا قبل الخندق، كما تقدم بيانه إ. هـ ورجح الأستاذ باقشيش بأن هذا التردد ليس من موسى بن عقبة، وإنما جاء من بعض رواة المغازي أو من بعض النُّساخ، لأنه جزم بوقوعها بعد غزوة بني النضير، وغزوة بني النضير كانت بعد أُحُد عنده.