للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَا: حَدَّثنا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجبَّارِ، حدَّثنا يُونُسُ بنُ بُكَيرٍ، عَنْ مُحمَّدٍ بنِ إسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بنِ عُتْبَةَ بنِ المُغِيرَةِ بنِ الأَخْنَسِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حدَّثني ابنُ أَبي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبيه، قالَ: كُنْتُ في خَيْلِ خَالِدٍ الذي أَصَابَ بِهَا بَنِي جَذِيَمةَ، وإذا فَتَى مِنْهُم مَجْمُوعَةٌ يَدَيْهِ إلى عُنُقِه بِرُمَّةٍ (١)، فقَالَ لي: يَا فَتَى هَلْ أَنْتَ آخِذٌ بِهَذِه الرُّمَّةِ أَتَقْدِمُنِي إلى هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ حَتَّى أَقْضِي إليهِنَّ حَاجَةً ثُمَّ تَصنَعُونَ مَا بَدَا لَكُمْ، فَقُلْتُ: لِيَسِيرُ مَا سأَلْتَ، فأَخَذْتُ بِرُمَّتِهِ، فَقَدَّمْتُ إليهِنَّ، فقالَ: أَسلَمِي حُبَيْشُ عَلَى مَا بَعْدِ العَيْشِ (٢)، ثُمَّ قالَ:

أَريْتُكُمْ إنْ طَالَبْتُكُم فَوَجَدْتُكمْ ... بِحَلْيةَ أَو ألْفَيْتُكُمْ بالخَوَانِقِ (٣)

أَلم يَكْ حَقَّا أنْ يَنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إدْلَاجِ السُّرَى والوَدَاَئِقِ (٤)

فلَا ذنْبَ لي قَدْ قُلْتُ إذ أهْلُنَاَ مَعَا ... أَثْيِبْي بوُدٍّ قبْلَ إحْدَى الصَّفَائِقِ

أَثِيْبي بوُدٍّ قَبْلَ أنْ يَشْحَطَ النَّوَى .... وينْأىَ الأميرُ بالحَبِيبِ المُفَارِقِ

فإِنِّي لَا أُنسَ لي قَدْ أَضْعَتُهُ ... ولَا رَاقَ عَيْني بعد وَجهِكِ رَائِقُ

عَلَى أَنَّها نَابَ الَعشِيرَةَ شَاغِلٌ ... عَنِ اللَّهْوِ إلَّا أنْ يَكُوَنَ بَوَائِقُ

فَقَالَتْ: وأَنتَ فَحُيِّيتَ عَشْرًا وسَبْعًا، وتِرًا وثَمَانٍ تَترى. ثُمَّ قَدَّمْنَاهُ فَضرَبْنَا عُنُقَهُ (٥).


(١) الرمة: قطعة من الحبل البالي، ينظر: مختار الصحاح ص ٢٦٧.
(٢) قوله (حبيش) مرخم من حبيشة، وقوله: (ما بعد العيش) كذا جاء في الأصل، وجاء في السيرة: (على نَفَدٍ من العَيْش)، ومعناه: إذا فني.
(٣) الحلية والخوانق: موضعان، كما في عيون الأثر ٢/ ٢٥٢.
(٤) الودائق: جَمْع وَدِيقة، وهي شدة الحرِّ، كما في عيون الأثر.
(٥) رواه ابن إسحاق في السيرة، كما في سيرة ابن هشام ص ٩٥٤ - ٩٥٥ عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس به، ورواه من طريقه: الطبري في التاريخ ٢/ ١٦٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٧/ ٣٣٩.