الوقف والابتداء من أهم موضوعات التجويد التى لا بدّ للقارئ من معرفتها، ومن مراعاتها فى قراءته ما أمكن، ومن إحاطته بالعلوم التى تبصره بهما، وتجعله قادرا على تمييز ما جاز منهما مما لم يجز كعلوم: التفسير- وأسباب النزول- والرسم العثمانى- وعد الآى- والنحو- والبلاغة. وذلك لما للوقف والابتداء من فوائد كثيرة للسامع والقارئ تتلخص فى أمرين:
أحدهما: إيضاح المعانى القرآنية للمستمع كلما كان القارئ أقدر على تحرى ما حسن من الوقف والابتداء فى قراءته، وما يوضح المعنى المراد كلما حرص على ذلك.
والثانى: دلالة وقف القارئ فى تقدير درجات الوقوف جودة ورداءة، تبعا لتفاوتهم فى فهم القرآن، ومقدار إحاطتهم بهذه العلوم، وقد أدرك المتقدمون ما للوقف والابتداء من أهمية وفوائد، حتى أنهم كتبوا كتبا خاصة بهما ككتابى «التمهيد فى الوقف والابتداء» لابن هشام، و «منار الهدى»، وغيرهما.
والأصل فى أهمية الوقف والابتداء ما ورد عنه صلّى الله عليه وسلم فى كثير من الأحاديث من أنه كان يقف على رءوس الآى، وأنه كان يقطع قراءته فيقول:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ويقف، ثم يقول الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ويقف ثم يقول: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ويقف وهكذا.
وأنه كان يقر أصحابه على مثل ذلك، ويعلمه لهم، وأن عليا كرم الله وجهه سئل عن معنى قوله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا فقال: «الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف، والوقف هو حلية التلاوة وزينة القارئ، وبلاغ التالى، وفهم المستمع، وفخر العالم».