ثم إنه لا يوجد فى القرآن وقف واجب يأثم القارئ بتركه، ولا وقف حرام يأثم القارئ بفعله، وإنما يرجع وجوب الوقوف وتحريمها إلى ما يقصده القارئ منها، وما يترتب على الوقوف والابتداء من إيضاح المعنى المراد، أو إيهام غيره مما ليس مرادا. وكل ما ثبت شرعا فى هذا الصدد هو سنية الوقف على رءوس الآى.
وكراهة تركه عليها وجوازه على ما عداها ما لم يوهم خلاف المعنى المراد.
[تعريف الوقف، والوصل، والسكت، والقطع، ومحل كل منها]
والوقف لغة: الحبس، والكف، واصطلاحا: قطع الكلمة عما بعدها مقدارا من الزمن مع التنفس وقصد العودة إلى القراءة فى الحال، ويكون فى آخر السورة، وفى آخر الآية، وفى أثنائها، ولا يكون وسط الكلمة، ولا فيما اتصل رسما كالوقف على إن فى فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ بهود.
وقد يوجد وقفان متعاقبان فى لفظين متواليين إذا وقف على أحدهما لم يجز الوقف على الآخر وهو ما يعرف بين القراء بتعانق الوقوف وتعاقبها، وذلك نحو لا رَيْبَ فِيهِ بالبقرة، وجَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ بفصلت. فإنه يجوز الوقف فى الأولى على كل من رَيْبَ، وفِيهِ، وفى الثانية على كل من لفظ الجلالة ولفظ النار.
فإن وقف على أحدهما لم يجز الوقف فى الأصل إلا بالسكون المحض، وقد يكون بالروم أو الإشمام فى الأحوال السابق بيانها فى الدرس الثانى عشر، وضد الوقف: الوصل، أى وصل الكلمة بما بعدها دون تنفس، ويشبه الوقف السكت، وهو لغة: المنع. واصطلاحا: قطع الكلمة عما بعدها مقدارا قصيرا من الزمن قدر حركتين دون تنفس، مع قصد العودة إلى القراءة فى الحال.
ولا يكون إلا على ألف عِوَجاً*، ومَرْقَدِنا، ونون مَنْ راقٍ، ولام بَلْ رانَ اتفاقا، وبين الأنفال وبراءة، وعلى هاء مالِيَهْ على أحد الأوجه الجائزة فيهما كما تقدم فى أول الكتاب.