الدارقطني عن دعلج أن أبا سعيد الهروي سئل عن أبي الصلت، فقال: نعم، ابن الهيصَم ثقة، فقال: إنما سألتك عن عبد السلام، فقال: نعم ثقة. ا. هـ.
والظاهر أن في النسخة تحريفاً فإن الخطيب البغدادي في التاريخ في ترجمة عبد السلام بن صالح ذكر كلام الدارقطني عن دعلج، ونص جواب الهروي هكذا:
«نعيم بن الهيصم (بالصاد المهملة) ثقة قال سائله: إنما سألتك عن عبد السلام، فقال: نُعَيم ثقة ولم يزد»، فهذا إعراض من أبي سعيد الهروي عن الجواب عن حال عبد السلام بن صالح الملقب بأبي الصلت، وليس في العبارة نعم، حرف الجواب، بل هو نُعيم اسم بصيغة التصغير ونعيم هذا هروي توفي سنة (٢٢٨ هـ).
الطريق الرابع: رأيتم أن هذا الحديث روي من غير طريق أبي الصلت؛ إذ رواه محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية، وجعفر بن محمد البغدادي الفقيه عن أبي معاوية، وعمر بن إسماعيل بن مجالد، وأحمد بن سلمة الجرجاني، وإبراهيم ابن موسى الرازي، ورجاء بن سلمة، وموسى بن محمد الأنصاري، ومحمود ابن خداش، والحسن بن علي بن راشد، وأبو عبيد القاسم بن سلام.
وقد ذكرت في مقالي ما قيل في جعفر بن محمد، وفي رجاء بن سلمة، وفي أحمد بن سلمة، وفي عمر بن إسماعيل، فيبقى محمد بن جعفر الفيدي، وإبراهيم ابن موسى الرازي، وموسى بن محمد الأنصاري، ومحمود بن خداش، والحسن ابن علي بن راشد، وأبو عبيد القاسم بن سلام.
فأما محمد بن جعفر الفيدي فهو في ذاته ثقة غير أن روايته لم تنقل إلينا بسند معروف حتى ننظر رجاله الراوين عن محمد بن جعفر الفيدي، ثم ننظر صيغة التحديث به عن أبي معاوية إنما رأينا نقلاً نقله الخطيب في التاريخ عن ابن معين بغير سند أن الفيدي روى عن أبي معاوية فالله أعلم بحال سنده.
وأما إبراهيم بن موسى فرواه عنه محمد بن جرير الطبري، وقال: إنه شيخ لا أعرفه ولا سمعت منه غير هذا الحديث، فهو إذن مجهول لراويه، غريب عنده، فلا يعتد به وهو غير إبراهيم بن موسى الرازي الملقب بالقراء وبالصغير فذاك إمام جليل.
وأما موسى بن محمد الأنصاري فقد روى حديث:«أنا دار الحكمة» وقد ذكرت روايته في مقالتي في جملة رواياته وبينت ما فيها، وفي رواته محفوظ ابن بحر الأنطاكي، وقد قال فيه أبو عروبة: إنه كذاب، قاله الذهبي في الميزان.