حكم أداء الشهادة المذكورة في تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣]، وفيه تفصيل.
وحاصل كلام بن العربي راجع إما إلى تقييد في العموم ببعض الشروط، وإما إلى تخصيص عموم في السؤال أو عموم العلم، وقال الخطابي في شرح هذا الحديث من تعليقه على سنن أبي داود:(هذا في العلم الذي يلزمه تعليمه إياه ويتعين عليه فرضًا؛ كمن رأى كافرًا يقول: علموني ما الإسلام، وكمن يرى رجلاً حديث عهد بالإسلام لا يحسن الصلاة، وقد حضر وقتها يقول: علموني كيف أصلي، وكمن جاء مستفتيًا في حلال أو حرام يقول: أفتوني وأرشدوني، فإنه يلزم في مثل هذه الأمور أن لا يمنعوا الجواب عما سئلوا عنه من العلم، فمن فعل ذلك كان آثمًا مستحقًا للوعيد والعقوبة، وليس كذلك الأمر في نوافل العلم التي لا ضرورة بالناس إلى معرفتها) أ. هـ.
ومعناه: أن كتمان العلم المسؤول عنه حرام إذا كان يترتب على السؤال عمل فيما يجب اعتقاده أو ما يجب التعبد به أو في الإقدام على عمل من الأعمال المكلف بها السائل.
وحاصل كلامه تخصيص العموم الواقع في لفظ (علم) بالحالة التي يترتب عليه عدم الإجابة فيها إقدام على حرام بناء على أن التعليم إنما هو وسيلة للعمل، فلا يكون حكمه إلا موافقًا لحكم المتوسل إليه؛ لأن الوسيلة تعطي حكم المقصد، هذا دليل تخصيص من جهة النظر، ويدل لهذا التخصيص أيضًا من الأثر رواية ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري:«من كتم علمًا مما ينفع الناس في أمر الدين» إلخ.
وقد عرف من هذا كله أمور أخرى، منها: ما قاله فخر الدين الرازي في تفسيره: «إظهار العلم فرض على الكفاية لا على التعيين؛ لأنه إذا أظهره البعض صار بحيث يتمكن كل أحد من الوصول إليه فلم يبق مكتومًا، وإذا خرج عن حد الكتمان لم يجب على البقية إظهاره مرة أخرى» أ. هـ، وقال ابن العربي في الأحكام: إن كان هناك من يبلغ اكتفي به وإن تعين عليه لزمه.
ومنها: أن يكون السائل أهلاً لاستفادة ما سأل عنه إذا كان المراد بالسؤال التعلم لقول علي - رضي الله عنه -: «حدثوا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله ورسوله»، وقد قيل: إن هذا الكلام يرفعه عليّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال عبد الله بن مسعود: ما أنت بمحدث