للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنْكُمْ، لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، وَلَوْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ، لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، وَلَوِ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا سَأَلَ؛ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا؛ إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْبَحْرُ أَنْ يغمس فيه الخط غَمْسَةً وَاحِدَةً. يَا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أَجْعَلُهَا (١) عَلَيْكُمْ؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ؛ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومُ إِلَّا نَفْسَهُ". كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ، إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، جَثَى على ركبتيه. (٢) .


(١) وفي مسلم: "أحصيها لكم".
(٢) يعني: تعظيماً له؛ لأنه حديث قدسي من كلام رب العالمين، وهو من رواية الشاميين، وقد روى ابن عساكر (٨/٨٣٦) عن أبي مسهر- شيخ المؤلف فيه- أنه قال: " ليس لأهل الشام أشرف من حديث أبي ذر هذا".
وحكان ابن رجب في " شرح الأربعين" (ص١٦١) عن الإمام أحمد.
وفيه من الفوائد أن الله عز وجل نزه نفسه عن الظلم، والآيات في ذلك كثيرة معروفة كقوله تعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} . وفيه دليل على أن الله قادر على الظلم ولكن لا يفعله عدلاً منه ورحمة. والظلم وضع الشيء في غير موضعه.
انظر: الشرح المذكور.

<<  <   >  >>