للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣٩٦- باب بدء السلام - ٤٤٧]

٧٥٣/٩٧٨- (صحيح) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [عَلَى صُورَتِهِ] (١) ،

وَطُولُهُ ستون ذراعاً، ثم قال:


(١) زيادة من " صحيح المؤلف" (الاستئذان، رقم: ٦٢٢٧) ، وهي عند مسلم أيضاً (٨/١٤٩) ، وكلاهما أخرجه من طريق عبد الرزاق، وهذا في "المصنف" (١٠/٣٨٤) وعنه ابن حبان أيضاً (٦١٢٩) ، وكذلك المصنف هنا.
وفي هذا الحديث دلالة صريحة على بطلان حديث: " خلق الله آدم على صورة الرحمن" مع أن إسناده معلول بأربع علل كنت ذكرتها مفصلاً في " الضعيفة" (١١٧٥ و١١٧٦) ، ونحو ذلك في " تخريج السنة" لابن أبي عاصم (٥١٧ و٥٤١) .
وبهذا الحديث الصحيح يفسر حديث أبي هريرة الآخر الذي صح عنه من طرق بلفظ " خلق الله آدم على صورته" وقد مضى برقم (١٢٩/١٧٣) مع التعليق عليه بما يناسب هذا الحديث الصحيح.
وبهذه المناسبة أقول: لقد أساء الشيخ التويجري- رحمه الله تعالى- إلى العقيدة والسنة الصحيحة معاً بتأليفه الذي اسماه: " عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن"، فإن العقيدة لا تثبت إلا بالحديث الصحيح، والحديث الذي اقام عليه كتابه مع أنه لا يصح من حيث إسناده، فهو مخالف لأربعة طرق صحيحة عن أبي هريرة، هذا الحديث المتفق على صحته أحدها، والأخرى مع أن الشيخ خرجها وصححها فهو لم يستفد من ذلك شيئاً؛ لأن هذا العلم ليس من شأنه، وإلا كيف يصح لعالم أن يقبل طريقاً خامساً عن أبي هريرة بلفظ:
" على صورة الرحمن "!
مخالفاً لتلك الطرق الأربعة، والتي ثلاثتها بلفظ: " على صورته"، والأولى منها فيها التصريح بأن مرجع الضمير إلى آدم عليه السلام كما ترى، يضاف إلى هذه المخالفة التي تجعل حديثها شاذاً عند من يعرف الحديث الشاذ لو كان إسناده صحيحاً، فكيف وفيها ابن لهيعة، والشيخ يعلم ضعفه ومع ذلك يحاول (ص: ٢٧) توثقه، ولو بتغيير كلام الحفاظ وبتره، فهو يقولك " قال الحافظ ابن حجر في " التقريب": صدوق"! وتمام كلام الحافظ يرد عليه؛ فإنه قال فيه:
"خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما"!

وهذا الحديث ليس من رواية أحدهما! فماذا يقال فيمن ينقل بعض الكلام، ويكتم بعضه؟! وله مثل هذا كثير، لا يتسع هذا التعليق لبيان ذلك.
وأما حديث ابن عمر باللفظ المنكر، فقد تكلف الشيخ جداً في الإجابة عن العلل الثلاث التي كنت نقلتها عن ابن خزيمة، كما تجاهل رجاحة رواية سفيان المرسلة على واة جرير المسندة عن ابن عمر! ولربما تجاهل علىة رابعة كنت ذكرتها في "الضعيفة" (٣/٣١٧) وهي أن جريراً ساء حفظه في آخر عمره، وهذا هو سبب اضطرابه في هذا الحيدث، فمرة رواه بهذا الفظ المنكر، فتشبث الشيخ به، ومرة رواه باللفظ الصحيح: " عرى صورته" فتجاهله الشيخ! مع أنه مطلع عليه في "السنة" برقم (٥١٨) ومن تعليقي عليه ينقل ما يحلو له نقله من كلامي ليرد عليه بزمه، ومنه أنني قلت في ديث أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظ: " على صورة وجهه"؛ فإني صححت إسناده تحت رقم (٥١٦) وأتبعته بقولي:
" لكني في شك من ثوبت قوله: " ... وجهه" فغن المحفوظ في الطرق الصحيحة: "على صورته" فألزمني الشيخ - في كلام طويل له ممجوج- بالقول بصحة الحديث، وقال (ص ٢٨) :
" وإذا كانالإسناد صحيحاً، فلا وجه للشك في متنه"!
ومن الواضح لكل ذي بصيرة أن هذا الكالم غير وارد علي، لأنني لم أشك في متن الحديث فرددته مع صحة إسناده، حاشا لله فنحن بفضل الله وتوفيقه من أشد الناس معاداة لنم يفعل ذلك، وإنما شككت في هذه الزيادة: "وجهه" للمخافة المشار إليها، وفي ظني أن الشيخ لا يعرف أنه لا يلزم من صحة السند صحة المتن، وأن من شروط الصحيح أن لا يشذ ولا يعل، وإلا لما ألزمني ذاك الإلزام، ولرد علي- لو أمكنه- دعواي الشذوذ المشار إليه في قولي: " والمحفوظ ... " ولكن هيهات هيهات! وختاماً فإني أريد أن أنبه القراء الكرام إلى أن ما نسبه الشيخ إلى ابن تيمية والذهبي وابن حبان أنهم صححوا الحديث، فهو غير صحيح، وإنما صححوه بالفظ المتفق عليه، فأما اللفظ المنكر فلا، وراجع "الضعيفة" لتتأكد من صحة ما أقول.

<<  <   >  >>