في التشهد الأخير نص عليه الشافعي. الثاني: ما نقله الحليمي أنه يجب التسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر في الشفا نقلاً عن القاضي أبي بكر بن بكير، نزلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه وكذلك من بعدهم، أمروا أن يسلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند حضورهم قبره وعند ذكره انتهى.
واستقر رأي الطرطوشي من المالكية على الوجوب وسوى ابن فارس الغوي بينه وبين الصلاة في الفرضية حيث قال فالصلاة عليه فرض وكذلك التسليم لقوله جل ثناؤه {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، الثالث يجب بالنذر لأنه من العبادات العظيمة والقربات الجليلة ولم يتعرض أحد من المالكية والحنفية لذلك، وروى ابن وهب فيما ذكره صاحب الشفا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من سلم علي عشرا فكأنما أعتق رقبة وسيأتي من حديث أبي بكر في الباب الثاني شيء من هذا.
واختلف في معناه فقيل السلام الذي هو اسم من اسماء الله عليك وتأويله لا خلوت من الخيرات والبركات وسلمت من المكاره والآفات إذ كان اسم الله إنما يذكر على الأمور توقعاً لاجتماع معاني الخير والبركة فيها، وإنتقاء عوارض الخلل والفياد عنها، ويحتمل أن يكون بمعنى السلام أي ليكن قضاء الله عليك السلام، وهو السلامة كالمقام والمقامة والملام والملامة أي يسلمك الله من الملام والنقائص فإذا قلت اللهم سلم على محمد فإنما تريد به اللهم أكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على ممر الأيام علواٌ وأمته تكاثراً وذكره ارتفاعاً قالهما البهيقي: قال ولا يعارضه ما يوهن له أمراًبوجه من الوجوه.
قلت ويحتمل أن يكون بمعنى المسالمة له والإنقياد كما قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، فإن قيل: فلم جيء بعليك ولم يقل لك فالجواب أن المراد والمعنى قضاء الله تعالى إنما ينفذ في العبد من قبل الملك والسلطان الذي له عليه، وكأن قضاء الله تعالى عليك بالسلامة أشبه من قضاء الله لك بها والله الموفق.