والحاصل أن المطلوب أن يعطوا من الخير أوفاه، وأن يثبت ذلك وأن يستمر.
فإذا قلنا: اللهم بارك على محمد، فالمعنى اللهم أدم ذكر محمد ودعوته وشريعته، وكثر أتباعه وأشياعه، وعرف أمته من يمنه وسعادته أن تشفعه فيهم وتدخلهم جناتك، وتحلهم دار رضوانك فتجمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة، والله المعين.
تنبيه: لم يصرح أحد بوجوب قوله "وبارك على محمد" فيما عثرنا عليه غير أن ابن حزم ذكر ما يفهم وجوبها في الجملة فقال: على المرء أن يبارك عليه ولو مرة في العمر وأن يقولها بلفظ أبي مسعود أوأبي حميد أوكعب بن عجرة، وظاهر كلام صاحب "المغني" من الحنابلة وجوبها في الصلاة، فإنه قال: وصفة الصلاة كما ذكرهها الخرقي، والخرقي إنما ذكر ما اشتمل عليه حديث كعب، ثم قال: وإلى هنا انتهى الوجوب.
والظاهر أن أحدا من الفقهاء لا يوافق على ذلك.
قاله المجد الشيرازي. والله أعلم.
[الفصل الحادي عشر.]
إن زيادة الترحم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد في الأحاديث الماضية واردة على ابن العربي حيث بالغ في إنكار ذلك حيث قال: حذار مما ذكره ابن أبي زيد من زيادة وترحم يعني في قوله في "الرسالة" لما ذكر ما يستحب في التشهد، ومنه اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فزاد وترحم على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد ... إلى آخره، إنه قريب من البدعة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - علمهم كيفية الصلاة عليه بالوحي، ففي الزيادة عليه استدراك، أي أنه باب تعبد واتباع، فيقتصر فيه على المنصوص، ومن زاد فقد ابتدع؛ لأنه أحدث عبادة في محل مخصوص لم يرد بها نص.
قلت: ولم ينفرد بذلك فقد قال أبو القاسم الصيدلاني من الشافعية ما نصه:
ومن الناس من يزيد وارحم محمدا وآل محمد كما ترحمت على آل إبراهيم أو رحمت وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير صحيح، فإنه لا يقال: رحمتُ عليه، وإنما يقال رحمتُه، وأما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى.