نظر والمعتمد الثاني، وفي الذخيرة من كتب الحنفية نقلاً عن محمد بن عبد الله بن عمر كراهة قال لإيهامه النقص لأن الرحمة غالباً إنما تكون عن فعل ما يلام عليه ونحن أمرنا بتعظيمهم قال ولهذا إذا ذكر الأنبياء لا يقال رحمهم الله بل نصلي عليهم.
فإن قيل:: كيف يدعى له بالرحمة وهو عين الرحمة لقوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ، فالجواب كما قاله الحافظ أبو ذرعه ابن العراقي أن كونه رحمة للعالمين من رحمة له فإن الرحمة بالمعنى المفير بها في حقنا وهي رقة القلب مستحيلة في حق الله تعالى، وعي في حقه أما صفة ذات والمراد بها إرادة الخير للعبد، أو صفة فعل والمراد بها فعل الخير معه والنبي - صلى الله عليه وسلم - أجزل حظاً من أرادة الله تعالى للخير وفعله معه الخير ولا يقال هذا حاصل له كيف تطلبه لآله لأن ثمره ذلك عائدة علينا كما سبق في المقدمة الصلاة عليه ولله الحمد والرحمة.
قال البيهقي: أنها تجمع معنيين: أحدهما إزاحة العلة والآخر الإنابة بالعمل وهي في جملة غير الصلاة إلا ترى أن الله قال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ففصل بينهما، وجاء عن عمر ما يدل على انفصالهما عنده ثم أسند عنه قوله تعن العدلان ونعم العلاوة {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} يعني الثناء من الله والمدح لهم والتزكية، ورحمة أي كشف الكربة وقضاء الحاجة والله أعلم.
[(تحقيق ترحمت عليه)]
تنبيه: حكى الصفاني عن بعض أئمة اللغة المتقدمين أنه قال قول الناس ترحمت عليه لحن وخطأ، وإنما الصواب رحمت عليه بتشديد الحاء ترحيماً انتهى، وهذا يرد قول الصيدلاني الماضي، وأما رحمت عليه بكسر الحاء المخققة فلم يقله أحد من أئمة اللغة المشاهير فيما علمناه وإن صح نقله فهو في غاية الشذوذ والضعف قاله المجد اللغوي، ورد الزركشي قول الصدلاني أيضاً بأن ذلك من باب التضمين كما قال تعالى:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي أدع لهم وإن كان لا يقال أدع عليهم فكذلك هنا ضمنت الرحمة معنى الصلاة وسبقه إلى الرد ابن يونس شارح