المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد ففي ذلك أشار إلى أنهما كالتعليل للمطلوب، أو كالتذليل له والمعنى أنك فاعل ما يستوجب به الحمد من النعم المترافة كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك ولله الحمد.
[الفصل الرابع عشر: في تحقيق الأعلين والمصطفين والمقربين]
تقدم في بعض الأحاديث الأعلين والمصطفين والمقربين، فأما الأعلين وهو بفتح اللام فيظهر أن المراد به الملأ الأعلى وهم الملائكة لأنهم يسكنون السموات والجن هو الملأ الآسفل لأنهم سكان الأرض، وأما المصطفين وهو بفتح الطاء والفاء فقال الزمخشري في قوله تعالى {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} ، إنهم المختارون من أبناء جنسهم فعلى هذا هم من الرسل أربعة نوح وموسى وعيسى وإبراهيم، أولوا العزم وهو أعنى محمداً - صلى الله عليه وسلم - سيدهم من الملائكة جماعة كثيرون كحملة العرش وجبرئيل وميكائيل ومن شهد بدرا.
وقيل المصطفون هم الذين أتخذهم صفوة فصفاهم من الأدناس وقيل هم الذين وحدوه وآمنوا به قال له ابن عباس وقيل هم اصحابه وقيل هم أمته، أما المقربون فالمراد بهم الملائكة واختلف فيهم فعن ابن عباس هم حملة العرش وبه جزم البغوي وقيل الملائكة الكروبيون عنده الذين حول العرش كجبرئيل وميكائيل ومن في طبقتهم، وقيل هم الذي إليهم الأجرام السماوية وهم المعنيون بقوله تعالى {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} ، وقيل المقربون سبعة، اسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورضوان ومالك وروح القدس، وملك الموت عليهم السلام، وأما المقربون من البشر فقال تعالى {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} فقيل هم السابقون إلى الإسلام، وعن مقاتل السابقون هم من سبق إلى الأنبياء بالإيمان وقيل هم الصديقون والله أعلم.