للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المستخلف [في الأولى] أن يكون قد سمع الخطبة؛ فكأنا نشترط فيه أن يدرك كل واجبات الجمعة مع الإمام، وإذا كان كذلك؛ فهو إذا لم يدرك الأولى مع الإمام، وأدرك الثانية، و [قد] سمع الخطبة- لم يدرك كل واجباتها معه، وحينئذ يأتي الترتيب والله أعلم.

قال: والمنصوص: أنه يجوز أن يستخلف في الجمعة [في] الثانية من لم يكن معه في الأولى؛ لأنه باستخلافه ناب منابه، ولو استمر لصحت القدوة؛ فكذا من ناب منابه، وإن لم توجد فيه الشرائط؛ ألا ترى أن الإمام في الجمعة لو أحرم بأربعين سمعوا الخطبة، ولحقهم أربعون لم يسمعوها؛ فأحرموا معه، ثم انفض الذين سمعوا الخطبة، وبقي من لم يسمعها- لم يقدح ذلك في صحة الجمعة؛ لأن بإحرامهم معهم، انسحب عليهم حكمهم؛ فكذا هنا.

وقد أفهم كلام الشيخ أن المنصوص الجواز، سواء أدرك المستخلف الإمام قبل الركوع في الثانية، أو أدركه في الركوع، أو أدركه بعد الرفع منه؛ لأن من لم يدرك الأولى، يتنوع حاله إلى ذلك، وهو فيما إذا أدرك الركعة الثانية منصوصه في "الأم"؛ لأنه قال فيه: "ولو أحدث في الركعة الأولى؛ فاستخلف من أحرم معه، صح، ثم إذا صلى المستخلف منها ركعة؛ فلما قام إلى الثانية أحدث، واستخلف من أدرك الركعة الثانية، وأشار إليهم أن يسلم بهم أحدهم، وقام هو؛ فأتمها ظهراً"؛ ولأجل هذا جزم القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وغيرهما بصحة استخلافه فيها.

وأما إذا كان المستخلف لم يحرم مع الإمام إلا بعد الرفع من الركوع؛ فالجواز في هذه الصورة محكى في "المهذب" و"تعليق" أبي الطيب وغيرهما وجهاً عن بعض الأصحاب، ونسبه البندنيجي إلى الشيخ أبي حامد، وأبداه ابن الصباغ احتمالاً لنفسه؛ أخذاً من نصه في "الأم" في المسألة قبلها؛ لأنه لما صح استخلافه؛ مع أنه التزم إتمام صلاته ظهراً، دل هذا منه على أنه يجوز أن يستخلف في الثانية من يصلي الظهر، ومن أدرك الإمام بعد الرفع من الركوع يصلي ظهراً؛ فوجب صحة استخلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>