للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها فيكون أبعد من أن ينبش أو يبال عليه، بخلاف ما إذا أفرد عن المقابر.

فإن قيل: فقد دفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجرة عائشة، والصحابة لا تفعل به إلا الأفضل.

قيل: فعله أولى بالاتباع من فعل غيره، والأنبياء فقد قيل: إن موضع وفاتهم موضع دفنهم؛ فلهذا دفن فيها.

وكذا الأفضل أن يدفن بين أقوام صالحين؛ لأن أبا سعيد ذكر في كتابه "المؤتلف والمختلف" عن [ابن الحنفية] عن عليِّ – كرم الله وجهه- قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ندفن موتانا [وسط قوم صالحين]؛ فإن الموتى يتأذون بالجار السوء كما يتأذى به الأحياء، وهذا إذا كانوا في مقبرة البلد الذي مات فيه، فلو كانوا في غيرها لا ينقل إليهم؛ لأن فيه تأخير الدفن. وفي "الحاوي" أن الشافعي قال- يعني في "الأم"-: ولا أحب إذا مات الميت في بلد أن ينقل إلى غيره، وخاصة إن كان قد مات بمكة أو المدينة أو بيت المقدس.

[ثم قال الماوردي: نعم، لو كان بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس] فيختار أن ينقل إليها؛ لقوله- عليه السلام-: "من دفن بالمدينة كنت له شاهداً وله شافعاً، ومن مات بمكة فكأنما مات في سماء الدنيا"، والجمهور على منع النقل كما تقدم، لكن قال صاحب "التهذيب" و"الشامل" والبندنيجي: إنه يكره نقله، وقال القاضي الحسين وأبو الفرج الدارمي وصاحب "التتمة": يحرم نقله،

<<  <  ج: ص:  >  >>