للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا أكفنه من مالي، وقال الآخر: بل من مال الميت- كفن من مال الميت.

قال القاضي أبو الطيب: لأن في تكفينه من مال غيره منَّةً على الباقين؛ فلا يلزمون قبول ما فيه منَّةُ بخلاف المقبرة فإنه لا منة فيها.

وألحق الأصحاب طلب أحد الورثة دفنه في ملك نفسه مع منازعة باقي الورثة في ذلك بما إذا طلب بعضهم دفنه فيما ورثوه منه.

قال ابن الصباغ: فلو [بادر ودفنه] في ذلك لم يذكره الأصحاب، وعندي أنه لا ينقل وهو المذكور في "التتمة"؛ لأن فيه هتكاً، وليس في إبقائه إبطال حق الغير.

قلت: ولا منة؛ إذ الواجب- كما أفهمه كلام الأصحاب السابق- دفنه في المقابر المسبلة.

قال: فإن دفن من غير غسل أو إلى غير القبلة، نبش وغسل ووجه إلى القبلة؛ تداركاً لما فات، وهذا على وجه الوجوب، وعن القاضي أبي الطيب أنه قال في "المجرد": التوجيه إلى القبلة سنة، وإذا ترك فيستحب أن ينبش ويوجَّه [إلى القبلة]، وعليه يدل قول الشافعي: "لا بأس أن ينبش ويوجه إلى القبلة ما لم يتغير ويزنخ"، وعن صاحب "التقريب" حكاية قول: أنه لا ينبش لأجل الغسل بل يكره؛ لما فيه من هتك الميت. وهذه العلة تقتضي اطراده في النبش لأجل التوجيه إلى القبلة من طريق الأولى؛ لأنه لم يختلف في أن الغسل واجب، وإن اختلف في التوجيه كما تقدم.

والصحيح- وهو المذكور في "تعليق" القاضي أبي الطيب وغيره، لا غير: ما ذكره الشيخ، لكن ظاهر كلامه أن ذلك يفعل ما أمكن الغسل والتوجيه، وقيد ذلك في "المهذب" بحالة عدم خشية الفساد على الميت، فإن خشي عليه الفساد فلا ينبش؛ لتعذر ذلك، كما يسقط وضوء الحي واستقبال القبلة في الصلاة عند التعذر، وهذا هو المذكور في "التهذيب" وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>