للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونها وهو بعضها أولى، وهذه الدلالة تسمى دلالة فحوى الخطاب ومنها قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] فكان النهي عن الضرر من طريق الأولى.

ثم ظاهر كلام الشيخ أن الضمير في قوله "منها" يعود إلى العشرين، وبه صرح في "المهذب"، وإذا كان كذلك كان مقتضاه قبوله فيما دون ذلك من طريق الأولى؛ عملاً بما ذكرناه، وقد حكى الأصحاب من الطريقين وجهاً آخر: أنه لا يجزئه من العشرين إلا أربعة أبعرة، أو ثلاثة أبعرة وشاة، أو بعيران وشاتان، أو بعير وثلاث شياه، وكذا لا يجزئه في الخمسة عشر إلا ثلاثة أبعرة، أو بعيران وشاة، أو بعير وشاتان [وفي العشر بعيران أو بعير وشاة].

وبعضهم بناه على أصل مقصود في نفسه، وهو أنه إذا أخرجه عن الخمس أجزأه بلا خلاف، لكن ما الواجب فيه: هل كله أو خمسه؟ وفيه قولان أو وجهان مذكوران في الطريقين، قال القاضي الحسين- وتبعه البغوي-: إنهما مبنيان على أن الشاة وجبت أصلاً [أو بدلاً عن خمس؟ يعني: وفيه الخلاف السابق: فإن قلنا: وجبت أصلاً] فالواجب كله، وإلا فخمسه فإن قلنا إن الواجب كله لم يجزئه البعير الواحد عن العشرين ولا عن [العشرة؛ بل لا بد معه مما ذكرناه، وإن قلنا: إن الواجب خمسه، أجزأه عن] العشرين فما دونها.

وهذا البناء يقتضي أن يكون الراجح عند أئمة المذهب: عدم الإجزاء؛ لأن الراجح عندهم أن الواجب كله كما ذكره ابن الصباغ والبغوي وصاحب "المرشد" وإن كان الإمام قد قال: إنه غير مرضي عندي، والراجح بالاتفاق: الإجزاء ومن ذكره وأشعر إيراده بأنه لا خلاف فيه، وقال الإمام: الوجه القطع به، ومن حاد عن اعتبار الأولى من طريق الفحوى فقد ضل عن سواء طريقه ضلالاً بعيداً.

قال الرافعي: [من وجوه] الإشكال في البناء أن يقال: لم يلزم من كون كله فرضاً إذا أخرجه [عن هذا، إن أخرج] عن خمس ألا يكتفي به عن العشر؛ بل يجوز أن يكون كله فرضاً إذا أخرج عن هذا، وفرضاً إذا أخرج عن ذلك؛ ألا

<<  <  ج: ص:  >  >>