للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأول نصاب البقر ثلاثون؛ فيجب فيه تبيع.

تمسك الشافعي في ذلك بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه أمر معاذاً أن يأخذ من كل ثلاثين تبيعاً، ومن أربعين مسنة" وبروايته عن مالك بن أنس، عن حميد بن قيسن عن طاوس: "أن معاذاً أخذ من ثلاثين بقرة تبيعاً، ومن كل أربعين مسنة" فكان عمل معاذ موافقاً لما أمر به.

فإن قيل: هذا مرسل؛ لأن طاوسا ولد في زمان عمر، وكان له سنة حين مات معاذ، والشافعي لا يقول بالمراسيل، فكيف يحتج بها؟

قيل: الجواب عن ذلك من أوجه:

أحدها: أن هذا وإن كان مرسلاً؛ فطريقه السيرة والقصة، وهذه قضية مشهورة في اليمن خصوصاً، وفي سائر الناس عموماً، وطاوس يمان؛ فكان الأخذ به من طريق اشتهاره، لا من طريق إرساله، ويدل على ذلك أن الشافعي حين قال ما قاله عقبه بقوله في "المختصر": وهذا لا أعلم فيه بين أحد من أهل العلم لقيته خلافاً.

والثاني: أن الشافعي يمنع من الأخذ بالمراسيل إذا كان هناك مسند يعارضه، وإن كان مرسل لا يعارضه مسند فالأخذ به واجب.

والثالث: أن هذا وإن أرسله الشافعي فقد أسنده غيره؛ فكان الأخذ به من طريق الإسناد، روى أبو داود عن معاذ- وهو ابن جبل- أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة" وأخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>