للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإن كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها".

واعلم أنا لو لم نقدر ما ذكرناه في كلام الشيخ لأفهم أنه يجب في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه كما حكى عن إبراهيم النخعي والحسن بن صالح؛ تمسكاً بأنه- عليه السلام- حد الغاية بالثلاثمائة في وجوب الشياه الثلاثة فيجب أن يكون ما يتعقبها مغيراً للفرض كما جعل المائتين حد الغاية في وجوب الشاتين وغير الفرض ما يعقبها، وهذا لم يقل به أحد في مذهبنا، والحديث يرد عليه؛ لأنه قال: "فإن زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة"، ومن أوجب أربع شياه في ثلاثمائة وواحدة خالفه، قد قال في "البحر" حكاية عن المزني والربيع: إنه روي في بعض الألفاظ: "إذا نقصت سائمة الرجل عن أربعين شاة فلا شيء فيها، ثم ليس في زيادتها شيء حتى تبلغ مائتين وشاة فإذا بلغتها ففيها ثلاث شياة، ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ أربعمائة، فإذا بلغتها ففيها أربع شياه، ثم في كل مائة شاة، وما نقص عن مائة فلا شيء فيها"، وهذا أصرح في الرد على المخالف.

وقد أجاب الأصحاب عما ذكره بأن العدد المحدود يجعل لتغيير الفرض تارة وتارة لتغيير النصب والحساب [من غير] أن يتغير الفرض، يدل عليه أن الواحدة الزائدة على عشرين ومائة من الإبل تغير الحساب، ويستقر بها النصاب، وهو إيجاب بنت لبون في كل أربعين، وحقة في كل خمسين، ولا يتغير بها الفرض، كذا في مسألتنا: استقر النصاب بالثلاثمائة ولم يتغير بها الفرض.

والقاضي الحسين قال: إنما ذكر عليه السلام وقصين متواليين، لا نصاب بينهما في الحديث الأول تحسينا للعبارة؛ لأن العرب تستحسن أن تمد الكلام إلى غاية، ثم تردفه بما يستدرك بكل الغاية؛ كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] [أي: حتى ينقطع دمهن، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي: بعد الانقطاع فأردفه بما يستدرك بكل الغاية.

قال: وإن كانت الماشية إناثاً، أو ذكوراً وإناثاً، أي: على السواء، أو كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>