للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كان الصحاح من ماله دون الفرض كما إذا كان واجبه حيوانين وجميع ماله مراض إلا أحد الحيوانين فالذي أورده البندنيجي والروياني: أنه يخرج واحداً معيباً والآخر سليماً بالنسبة، وإن أخرج السليم جاز، وهو الذي حكاه الإمام عن العراقيين والصيدلاني، وحكى عن شيخه أنه كان يقطع في دروسه أنه لابد [من] أن تكونا جميعاً صحيحتين، ولا يكفيه أن يخرج تلك الصحيحة ومعيبة؛ لأن من أخرج بعيرين من إبله فهما يزكيان ماله، وكل واحد منهما يزكي الثاني، وإن كانتا مخرجتين فيلزم من إخراج صحيح ومريض أن يزكي المريض الصحيح، قال الإمام: وهذا عندي خروج عن ضبط الفقه، وتقدير بعيد لا حاصل له، والزكاة إذا أخرجت فالباقي يزكي بها فأما الزكاة فلا تزكي نفسها؛ ولأجل هذا قال الغزالي: إن هذا سرف؛ لأنه إذا لم يبق في ماله صحيح سقط أثر المخرج.

وقد حكى القاضي الحسين والمتولي الخلاف المذكور وجهين في المسألة، وأنهما مأخوذان من اختلاف وقع في نسخ "المختصر"؛ فإن في بعض منها- كما قال هو والقاضي أبو الطيب وغيرهما-: "ولا يأخذ مريضاً وفي الإبل عدده صحيح"، وفي بعض "النسخ]: "ولا يأخذ مريضاً وفي الإبل [عدد صحيح] فمن قرأه بإثبات الهاء قال: المراد لا يأخذ مريضاً في الفرض وفي الإبل عدد؛ فإن الواحد أول العدد وليس عدد الفرض صحيحاً، وجوز الأخذ بهذه الصورة؛ لأن عدد الفرض لم يكن صحيحاً في ماله. ومن قرأه بنفي الهاء، قال: مراده: لا يأخذ مريضاً في الفرض وفي الإبل عدد ما صحيح وقد وجد في ماله في هذه الصورة عدد ما صحيح فلا يأخذ المريض.

فإن قلت: الواحد أول العدد وليس بعدد؛ فلا تندرج هذه الصورة في كلام الشافعي بتقدير حذف الهاء.

قلت: قد استشعر القاضي ذلك حيث منع ألا يكون الواحد عدداً بقوله: "واسم العدد يقع على الواحد. وأنا أقول: هذا التخريج صحيح، وإن قلنا: إن الواحد ليس بعدد؛ لأنا لو فرضنا الكلام فيما إذا كان الواجب عليه ثلاث حيوانات، كما إذا كان ماله مائتين وواحدة من الغنم، والجميع مراض إلا شاتين، فإن قضية من قرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>