للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المختصر": ولو أخذ الوالي من رجل زكاته بلا نية أجزأت عنه.

قال الشيخ- رحمه الله -: وليس بشيء؛ لأن الإمام نائب عن الفقراء؛ فكما لا يصح الدفع إليهم بغير نية رب المال فكذلك لنائبهم، وهو كما يأخذ الواجب يأخذ التطوع؛ لأنه أعرف بمواضع الحظ في الصرف. والشيخ في ترجيح الأول، وكذا البغوي – رحمه الله – هاهنا: "يجزئه وإن لم ينو"، أراد به: إذا امتنع رب المال من أداء الزكاة، فأخذها الإمام قهراً من ماله؛ فإنه لا يحتاج فيه إلى نية، فهذا معناه.

وقال ابن الصباغ: ليس كذلك؛ لأنه قال في "الأم": إذا دفعها إلى الإمام يجزئه وإن لم ينو، طائعاً كان أو كارهاً؛ لأن أخذ الإمام كالقسم بين الشركاء فلا يحتاج [إلى نية].

[قلت: وقول القاضي: فإنه لا يحتاج فيه إلى نية]، يعني من رب المال، وإلا فقد قال قبل ذلك: إن الإمام ينوي عنه؛ للضرورة.

وقال البندنيجي: إنه لا يحتاج إلى نية، وتناول الإمام منه ذلك قهراً قائم مقام نية رب المال؛ لأنه إنما يقهره على ذلك بعد وجوبها؛ فلا يقع التناول إلا عن واجب.

والمراوزة قالوا: هل يجب على الإمام أن ينوي عنه؟ يبني على أن المأخوذ [منه] هل يجزئه أم لا؟ ولا خلاف أنه جزئه ظاهراً، بمعنى أنه لا يطالب بها ثانياً، وهل يجزئه باطناً حتى تسقط عنه في نفس الأمر؟ فيه وجهان حكاهما البندنيجي أيضاً، فإن قلنا: [لا] تسقط، لا ينوي عنه، وإن قلنا: تسقط، فهل ينوي عنه؟ فيه وجهان، ظاهر المذهب منهما: الوجوب؛ لأن الإمام فيما يليه من أمر الزكاة كولي الطفل، والممتنع مقهور كالطفل. قال الرافعي: وهذا لفظ القفال في "شرح التلخيص".

وعكس في "البحر" ذلك فقال: إذا أخذت الزكاة كرهاً لا تجزئ في الباطن، وهل تجزئ في الظاهر؟ فيه وجهان، قاله بعض الخراسانيين، وهو كذلك في "الإبانة"، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>