للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوى المسجد الحرام؛ ولأجل ذلك حكاهما القاضي الحسني وجهين ويجريان بالترتيب إن قلنا: لا يتعين المسجد، فغيرهما أولى، وإلا فوجهان.

وقد عكس الإمام هذا الترتيبن فقال: إذا نذر الاعتكاف في مسجد هل يتعين؟ فيه وجهان، ظاهر النص تعينه. يعني بذلك: ظاهر نصه في "الأم" و"الجامع الكبير"، حيث قال: "إذا أوجب المرء على نفسه اعتكافاً في مسجد، فانهدم المسجد [فإنه] يرجع إذا بني المسجد، ويبني"، فلولا تعين المسجد لأمره بالخروج إلى مسجد آخر حتى يتم هناك.

[ثم] قال الإمام: والسبب في ذلك أن الاعتكاف في الحقيقة انكفاف عن [الانتشار في سائر الأماكن، والتقلب فيها؛ كما أن الصوم انكفاف عن] أشياء مخصوصة؛ فنسبة الاعتكاف إلى المكان كنسبة الصوم إلى الزمان، ولو عين الناذر يوماً لصومه، تعين اليوم على المذهب الأصح؛ فليتعين المسجد بالتعيين أيضاً.

قال: ويخالف غيره ذلك ما إذا نذر الصلاة [في غير المساجد الثلاثة، لا تتعين؛ لأن الصلاة] تصح في أي موضع كان، ولا يؤثر فيها المسجد؛ فلا تتعين بالنذر والاعتكاف إنما يصير قربة بالمسجد، فله أثر في الاعتكاف؛ فإذا عيَّن بالنذر تعين.

قال في "البحر": وهكذا ذكره ابن أبي أحمد في "المفتاح"؛ ولأجل ذلك قال الرافعي: إن القول بالتعيين هو الأصح.

وقال في "البحر": إنه غير صحيح، والمسألة على قول واحد: [أنه] لا يتعين، وكلام الشافعي محمول على الاستحباب أو على ما إذا كان قد عين أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>