للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء ويحدث ما لم يكن إثماً، ولا يفسده سببا ولا جدال"، وهذا يدل على عدم الكراهة؛ فينبغي أن يكون في الكراهة قولان.

قلت: قد حكاهما البندنيجي في حالة كثرة ذلك منه، وجزم بعدمهما في اليسير كشراء القوت والثوب. وغيره لم يذكر ذلك، بل قال: ليست على قولين، بل قوله: "فلا بأس" عني به: أنه لا يسد الاعتكاف به، أولا بأس لمعنى يعود إلى الاعتكاف؛ فإن كراهة ذلك لكونه في المسجد معتكفاً كان أو غير معتكف.

قلت: ولهذا المعنى لم يذكر الشيخ هذا الفرع وإن ذكره غيره مع اختلاف العلماء في الجميع.

وقد تضمن نص الشافعي: أن السباب والجدال لا يفسد الاعتكاف، وبه صرح الأصحاب مع القطع بالكراهة؛ لأجل خصوص المسجد أيضاً.

وقال الصيدلاني: إنه يذهب أجره بذلك. قال الإمام: والخوض في ذلك ليس من شأن الفقهاء، والثواب غيب لا يطلع عليه، وإن ورد خبر في أن الغيبة تحبط الأجر، فهو تهديد مؤوَّل، وقد ورد مثله في الترغيب.

قال: وإن نذر الاعتكاف بالليل، أي: مثل أن قال: [لله علي] إن شفى الله مريضي أن أعتكف ليلة أو عشر ليال، مثلاً فشفاه الله - لم يلزمه بالنهار.

وإن نذر بالنهار، أي: مثل أن قال: إن قدم غائبي، فلله علي أن أعتكف نهاراً أو عشرة- لم يلزمه بالليل؛ لأن لفظه لم يتناوله، وكذا لو نذر اعتكاف يوم، لم يلزمه [اعتكاف ليله]، واللازم له ما صرح بإلزامه فقطن وسكوت الشيخ عنه؛ للعلم به بما ذكره في أول الباب.

قال الأصحاب: ويلزمه في الأولى أني دخل المسجد قبل الغروب، ويبقى فيه إلى طلوع الفجر، وفي الثانية يلزمه أن يدخله قبل طلوع الفجر، ويديمه إلى غروب الشمس؛ كذا حكاه البندنيجي في موضع من "تعليقه"، وهو المنصوص في "المختصر".

وقال في موضع آخر منه: إذا جعل على نفسه اعتكاف يوم، دخل في نصف النهار

<<  <  ج: ص:  >  >>