للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثاني: أنه لا يلزمه اعتكاف الليلة، وقد ادعى في "البحر" أنه المذهب؛ فيكفيه النصفان، وأن من قال: تلزمه الليلة، فقد غلط؛ لأن الليل إنما يلزم عند وجوب التتابع؛ لأنه لا ينفك عنهما إذا دخل في نصف النهار، أما إذا جوزنا التفريق فلا حاجة إلى الليل، قال: وهذا اختيار القفال.

وقد سلك الإمام والرافعي في ذلك طريقاً آخر فقالا تفريعاص على منع التفريق: إنه إذا ابتدأ الاعتكاف من وقت الزوال إلى غروب الشمس، فلما غربت، خرج، ثم عاد إلى المعتكف مع الفجر، فاعتكف إلى مثل ذلك الزمان الذي أنشأ الاعتكاف فيه في أمسه – فلا يجزئه. وإن لم يخرج من معتكفه ليلاً حتى انتهى إلى مثل زمان إنشاء الاعتكاف فيه، فالذي ذهب إليه معظم الأصحاب: جواز ذلك.

وحكى العراقيون عن أبي إسحاق وجهاً اختاره لنسه: أنه لا يجزئه؛ فإنه لم يأت بيوم متواصل الساعات من الطلوع إلى الغروب، واعتكافه تلك الليلة لا مبالاة به، وهو غير محسوب.

قال الإمام: وهذا الذي ذكره منقاس متجه، وعرض عليه نص الشافعي في تجويز ذلك مع مصيره إلى [أن] تفريق الساعات غير مجزئ، فقال: نصه محمول على ما إذا قال: لله علي أن أعتكف يوماً [من وقتي هذا.

قال البندنيجي: والحكم فيما لو نذر أن يعتكف ليلاً كالحكم فيما لو قال: لله علي أن أعتكف يوماً]. وقد ذكرناه.

وقد حكى الإمام وغيره الوجهين المذكورين في إجزاء النصف من يومين – وقد نذر يوماً – في إجزاء الثلث من ثلاثة أيام والصورة هذه، ونسب القاضي الحسين المنع إلى أبي إسحاق أيضاً، والجواز إلى غيره من الأصحاب، وما ذكرناه من قبل [يأبى] ذلك، ولا شك في أن هذه الصورة تترتب على التي قبلها، وأولى بالمنع، ولأجل ذلك قال في "الوسيط": لو نذر اعتكاف يوم، ففي جواز التقاط ساعاته من أيام وجهان: أصحهما: المنع، وعلى مقابله قال الإمام – رحمه الله -: ينبغي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>