للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنذكره، وهو مذهب أبي حنيفة؛ كما لو حلف لا يكلم فلاناً شهراً؛ فإنه يترك كلامه شهراً متتابعاً. والفرق بينه وبين ما لو نذر صوم شهر؛ حيث لا يلزمه التتابع فيه: أن الليالي في الصوم تقطع التتابع بخلاف الاعتكاف.

قال الأصحاب: وهذا فاسد؛ لأن الليل لا يقطع التتابع في الصوم؛ بدليل الكفارة. والفرق بين ما نحن فيه ومسألة اليمين من وجهين:

أحدهما: أن القصد من الحلف على ترك الكلام؛ الهجران، وذلك لا يتحقق بدون التتابع بخلاف الاعتكاف.

والثاني: أن حلفه يقتضي المنع من الكلام عقيب اليمين؛ فتعين التتابع بحكم الوقت، لا بحكم اللفظ، وليس كذلك الاعتكاف.

نعم، لو قال: لله علي أن أعتكف شهراً من الآن، أو: هذا الشهر – تعين التتابع فيه ضرورة لا قصداً؛ حتى لو أفسد [يوماً منه] لم يلزمه قضاء ما مضى، ولو ترك اعتكافه بجملته لم يجب التتابع في قضائه، اللهم إلا أن يقول: لله علي أن أعتكف شهر كذا متتابعاً؛ فن في لزوم التتابع في القضاء في هذه الصورة وجهين حكاهما الفوراني وغيره، ووجه المنع: أن التتابع – والحالة هذه – وقع ضرورة أيضاً، وكان التصريح به كالسكوت عنه، لكن الذي ذكره البندنيجي وهو المختار في "المرشد" والأصح في "الرافعي": مقابله.

وقد حكى في "البحر" فيما إذا لم يتعرض لذكر التتابع في الشهر المعين، وفاته عن رواية أبي يعقوب الأبي، وروى عن ابن سريج أنه قال: يقضيه متتابعاً، [وأنه قال: يحتمل أن يكون ذلك فيمن نذره متتابعاً] لمكان نذره.

والحكم فيما لو نذر اعتكاف العشر الأخير من رمضان، أو من شهر غيره –كالحكم فيما لو نذر اعتكاف شهر معين في دخول الليالي والأيام في نذره، والتتابع وعدمه، وكونه لا يلزمه عند نقص الشهر قضاء يوم آخر بخلاف ما لو نذر اعتكاف عشرة أيام من آخر الشهر؛ فإن في لزوم اعتكاف لياليه من الخلاف ما سنذكره، ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>