قلت: تمسكاً بقوله في "المختصر": "إذا نذر اعتكاف يوم، دخل فيه قبل الفجر إلى غروب الشمس، وإن قال: يومين، فإلى غروب الشمس من اليوم الثاني".
وقال الرافعي: الوجه التوسط: فإن كان المراد من التتابع توالي اليومين، فالحق ما ذكره صاحب "المهذب"، وإن كان المراد تواصل الاعتكاف، فالحق ما ذكره الأكثرون.
قلت: وإذا كان هذا هو الحق، لزم أن يكون الحق ألا يلزمه عند الإطلاق الليلة؛ لأن الأصل براءة الذمة منها.
وقد وافق البندنيجي [الشيخ] على جريان الوجهين فيما إذا شرط التتابع، وقال: إنهما جاريان فيما إذا أطلق. وهو قضية ما في "تعليق" القاضي الحسين؛ فإنه قال بعد حكاية النص كما ذكرنا: إن أصحابنا اختلفوا فيه:
فقال أبو إسحاق: لا يلزمه الليل بحال إلا أن ينويه، وما ذكره الشافعي على سبيل الاستحباب.
وقال غيره: صورته: إذا نوى بقلبه التتابع، فأوجب الليل حتى يتصل النهاران، فأما إذا لم ينو فلا يلزمه.
وفي "تعليق" القاضي أبي الطيب و"الحاوي" و"الشامل" و"التتمة" و"البحر": أن الوجهين في لزوم الليلة إذا أطلق؛ وإن ظاهر كلام الشافعي منهما – والحالة هذه – اللزوم؛ لأنه قال – كما حكاه القاضي الحسين عن رواية ابن سريج -: "إذا نذر اعتكاف يومين، فإنه يلزمه يومان فيما بينهما ليلة" وقال في "المختصر" ما حكيناه من قبل، وهو الذي صححه القاضي أبو الطيب والماوردي وصاحب "البحر".
وقالوا فيما إذا قال: يومين متتابعين" -: إنه يلزمه اعتكاف الليلة التي بينهما وجهاً واحداً؛ لأنها من ضرورة اليومين المتتابعين.
وإذا جمعت بين الطريقين، واختصرت، قلت: في الليلة ثلاثة أوجه – كما حكاها في "المهذب"؛ ثالثها: إن شرط التتابع لزمته وإلا فلا.