للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه يجب على أحد الوجهين عندنا -كما حكاه القاضي الحسين- وإن لم يقدر على الزاد والراحلة؛ لأن العبادة فيه نفس الهجرة والسفر.

وإذا ثبت ذلك في الزاد, ثبت مثله في الماء من طريق الأولى؛ لأن الحاجة إليه أشق من الحاجة إلى الزاد.

وفي اعتبار وجدان ذلك بثمن المثل: أنه لو لزمه بأكثر منه لم يأمن [ألا يباع] منه إلا بجميع ما يملكه, وفي ذلك إضرار بيّن به.

ولا فرق في ثمن المثل بين أن يكون غاليًا أو رخيصًا, وثمن مثل الزاد معروف, وفي ثمن مثل الماء أوجه مذكورة في التيمم.

وفي اعتبار وجدان ذلك في المواضع التي يكون فيها على النعت الذي ذكرناه: أنه -عليه السلام- أطلق ذكر الزاد, ولا شيء يرجع إليه فيه إلا العرف؛ فرجع إليه, وهو ما ذكرناه.

واعتبار وجدان ذلك في الذهاب ظاهر, وأما في ارجوع إذا كان له أهل -وهو من تلزمه نفقته من زوجة وقرابة؛ كما أفهمه كلام الماوردي ومن تبعه, أو أقاربه من المحارم وغيرهم؛ كما حكاه الإمام عن الصيدلاني, وأنه ليس في الطرق ما يخالفه, وعبر عن ذلك الرافعي بأنهم عشيرته التي يتناصر بها -فلأنه عند فقد ذلك لا يصل إليهم, وذلك ضرر ظاهر, والشرع راعى في [مثل] هذه العبادة ترك الضرر؛ فاعتبرنا وجوده.

وإذا لم يكن له فيه أهل؛ فلأن [جنس] الانقطاع عن الوطن, والقيام في الغربة -يشق, فلذلك جعل عقوبة في حق الزاني [البكر] وإن لم يكن له أهل ببلده؛ فالتحق بما إذا كان له فيه أهل, وهذا هو المنصوص عليه في "الإملاء", والصحيح في "تعليق" أبي الطيب وغيره, واختاره في "المرشد".

وقيل: إذا لم يكن له أهل لا يشترط في الاستطاعة وجود ذلك في الرجوع؛ لأن سائر المواضع في حقه سواء, وقد حكى الحناطي مثله في حق من له أهل وعشيرة فيه, والمشهور الأول؛ وعلى هذا فهل يختص الوجهان عند عدم الأهل بما إذا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>