للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينقص منه؛ لأن المقصود زوال ما أنتن من أبدانها، والأغلب أنها تزول بهذه المقادير، فإن زالت [في أقل] منها زالت الكراهة، وإن لم تزل [فيها] بقيت الكراهة حتى تزول فيما [زاد] عليها، وعلى هذا جرى في "المرشد" وصاحب "الشامل"، وقال: إن هذه التقديرات محكية عن بعض أهل العلم، وهو ابن عمر؛ كما قال في "المهذب".

لكن المحكي عنه: أنه سوى بين البقرة والناقة في جعل مدتها أربعين يوماً، وقد وهم بعضهم فظن أن الشيخ في "المهذب" اقتصر على ذكر التقديرات.

تنبيه: قول الشيخ: "فإن أطعم الجلالة .. " إلى آخره، يعرفك أمرين:

أحدهما: أن علة الكراهة تغير اللحم عند الذبح بسبب العلف، حتى لو لم يتغير لم تكره، ويدل عليه قول الشافعي- رضي الله عنه-: "فما كان أكثر علفه من غير هذا، فليس بجلالة"، أي: لأن ذلك لا يؤثر في لحمها.

[وقال في "الحاوي": إن محل الكراهة إذا لم يظهر النتن في لحمها]، أو ظهر ظهوراً يسيراً لا تستوعب رائحته تلك النجاسة، فلو كان كثيراً قد استوعبت رائحته تلك النجاسة، أو قاربها- ففي إباحة أكلها وجهان حكاهما ابن أبي هريرة:

الذي أورده القاضي الحسين منهما في "تعليقه": الكراهة، دون التحريم؛ كما هو في كتب العراقيين؛ لما ذكرناه.

والثاني- وهو المعزيُّ إلى أبي إسحاق المروزي، وينسب إلى القفال المروزي أيضاً-: أنه حرام.

وقال الإمام: إنه المذهب، ولم يورد الغزالي سواه؛ لأنها صارت من الخبائث.

قال الصيدلاني: وعلى هذا يكون اللحم نجساً، وهو الذي أورده الغزالي، وأثر ذلك يظهر فيما لو زالت الرائحة [الكريهة] بالتشميس والطبخ ونحوه، لا يحل، نعم: لو زالت بالاغتذاء بالعلف الطيب في الحياة، زال التحريم.

قال الإمام: وهذا متفق عليه في التفريع على تحريم الجلالة.

والوجهان- كما قال الماوردي- جاريان في الجَدْي إذا رضع من لبن كلبة أو خنزيرة حتى نبت [به] لحمه، وقد نسب القاضي الحسين في هذه الصورة إلى القفال التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>