للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصدقه المقر له وكذبه المرتهن، قال: قبل في أحد القولين؛ لأنه أقر في ملكه بما لا تهمة تلحقه، فنفذ كما في غير المرهون؛ ولأن الرهن يوجب حجراً لحق الغير؛ فلا يمنع من نفوذ الإقرار في العين كالمريض إذا أقر بجناية في رقبة عبده، قال: [ولا يقبل في] الآخر؛ لأنه محجور عليه في التصرف فيه فلا ينفذ إقراره فيه كالسفيه، وهذا هوا لصحيح، واختاره المزني.

قال ابن الصباغ: وما قاله الأول من عدم التهمة فغير مسلم؛ لأن التهمة تلحقه في إبطال الرهن، ومواطأة المقر له، فلم يقبل قوله، كما لو باع ثم أقر بأنه كان مغصوباً أو جانياً، ويجري الخلاف فيما لو أقر بأنه رهنه وأقبضه كما حكاه البندنيجي، أو أعتق العبد أو غصبه أو اشتراه شراء فاسداً، أو باعه قبل الرهن.

[وفي تعليق أبي الطيب في باب التفليس حكاية قولين، فيما إذا أقر المفلس بعد الحجر بدين قبل الحجر، كان في مشاركة المقر له للغرماء قولان: أصحهما: المشاركة، ثم قال: وهما بعينهما جاريان فيما لو رهن شيئاً ثم أقر بأنه ملك غيره، وهذا يقتضي أن الصحيح فيها قبول الإقرار].

وقال ابن الصباغ [فيما نحن فيه: كان] ينبغي أن يكون لنا قول آخر، أنه إن كان معسراً لم ينفذ إقراره [بالعتق]، وإن كان موسراً نفذ، ويجري مجرى الإعتاق، وهذا قد أبداه غيره قولاً، ونقله الإمام في الصور كلها، وجعلها ثلاثة أقوال وأن على الثالث يلزمه أن يغرم قيمة المرهون؛ لتوضع رهناً، فإنه تسبب بقوله إلى بطلانه.

وحكى أن بعض الأصحاب أجرى الخلاف فيما لو باع ثم أقر بما يبطله، وأن شيخه رمز إليه ويعضده أن الرافعي حكى أيضاً في أواخر التحالف أن المشتري إذا رد المبيع بعيب، ثم قال بعد ذلك: كنت أعتقته يرد الفسخ ويحكم بالعتق، ومع هذا فقد قال الإمام: إنه هفوة ولا يعتد به؛ فإنه أقر بما هو خارج عن ملكه بخلاف إقرار الراهن، ثم قال: وقد يعترض للناظر أن الراهن إذا أقر بكونه غاصباً، فليس إقراره في محل ملكه على زعمه، وفيه الأقوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>