للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدح في علة الأول بأن الصلح إنما يكون بيعاً إذا ذكر فيما يقتضي معاوضة، أما أن يكون لفظه يقتضيه فليس بصحيح؛ لأن الصلح إنما معناه: الاتفاق [والتراضي، والاتفاق] قد يوجد في المعاوضة وغيرها، وهذا كما أن لفظ التمليك إذا كان فيام طريقه المعاوضة، مثل أن يقول: ملكتك هذا [بهذا، يكون بيعاً، وإذا قال: ملكتك هذا]، كان هبة؛ لما تجرد عن العوض، كذلك هذا.

وفي "الحاوي" حكاية ما جزم به أبو حامد عن أبي إسحاق المروزي، وما رجحه ابن الصباغ عن أبي الطيب بن سلمة، وأنهما بنيا ذلك على اعتقادهما أن الصلح رخصة وفرعٌ لغيرهِ، أو هو أصل بنفسه؟ فأبو إسحاق قال: هو فرع للبيع؛ [فلا يصح، و] أبو الطيب بناه على أنه أصل بنفسه؛ فيصح.

ثم على هذا: هل يفتقر إلى الإتيان بلفظ الإبراء؟ فيه وجهان في "التتمة".

فإن قلنا: إنه لا يفتقر – وهو المشهور – فهل يفتقر [إلى القبول]؟ بناه الإمام وغيره على أن الإبراء هل يفتقر إلى القبول أم لا؟ والأصح: أنه لا يفتقر.

وإن قلنا بافتقاره فهاهنا كذلك، وألا فوجهان كالوجهين فيما إذا قال: وهبتك ما لي عليك من دين؛ لأن اللفظ معناه التمليك؛ فيستدعي في وضعه القبول؛ ولهذه العلة جعل الرافعي وجه الاشتراط أظهر.

أما لو قال: صالحتك من الألف الذي في ذمتك على هذه الخمسمائة، فقد ادعى بعضهم جريان الخلاف السابق في هذه الصورة – أيضاً – وهو ما صححه المتولي، وقال الإمام والقاضي الحسين في "تعليقه": الأصح فيها البطلان، ويبقى الألف بحاله؛ فإن اللفظ الذي جاء به مع التعيين صحيح في عوض المعاوضة، وبيع الألف بخمسمائة باطل، ويجري الخلاف الذي حكاه الشيخ وأصله فيما إذا أقر بعين، ثم قال: صالحتك على بعضها كما حكيناه من قبل؛

<<  <  ج: ص:  >  >>