للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعامة أصحابنا- كما قال أبو الطيب- إجراء الخلاف فيها، بل قال الرافعي: إن أبا عبد الله الحناطي حكى طريقة قاطعة بأن هذه الصورة ونحوها محل القولين.

أما إذا كان كل دم رأته قدر أقل الحيض، فالمسألة على قول واحد، وهو الثاني.

والضابط عند هؤلاء في جريان القولين ألا ينقص مجموع ما تراه من الدم في المدة عن أقل الحيض بألا يكون ما انقطع الدم فيه فترة قل زمانه أو كثر، والفرق بين وبين الفترة ما سلف؛ كما نص عليه الشافعي في "الأم"، وبه قال الشيخ أبو حامد وأبو الطيب والمصنف.

والإمام قال: لم ير فيه ضبط، ومنتهى الذكر فيه أن ما يعتاد تخلله بين الدفع فهو من الفترات وما يزيد على المعتاد [و] يكون أكثر منه هو محل الخلاف.

ثم قال: وأنا أقول: الفرق بينهما أن الحيض مجتمع في الرحم، ثم الرحم يقطره شيئاً فشيئاً، وأنه ليس الرحم متنكساً في الخلقة حتى يسيل ما فيه دفعة، فالفترة ما بين ظهور دفعة إلى أن تنتهي أخرى من الرحم إلى المنفذ، والنقاء الذي فيه الخلاف يزيد على ذلك، والطهر الذي يجري عليه حكم الحيض على قول هو المحتوش بدمين: فعلى القول الأول يكون لها في المسألة التي فرضناها من الخمسة عشر يوماً سبعة أيام ونصف حيضاً ومثلها طهراً.

وعلى القول الثاني يكون لها أربعة عشر يوماً ونصف حيضاً ونصف يوم طهراً وهو الأخير؛ لأنه غير محتوش بدمين.

وحكى العراقيون عن بعض الأصحاب أنه لا يجري في هذه الصورة ونحوها من مسألة الكتاب وغيرها القول الأول، ويتعين الثاني، واختلفوا في سببه:

فمنهم من قال: لأن شرط جريانه أن يكون أول ما تراه من الدم لا ينقص عن أقل الحيض، وقد نقص.

ومنهم من يقول: لأن شرط جريانه ألا ينقص أول الدم عن أقل الحيض وكذا آخره؛ ليكون ما بينهما تبعاً لهما، ولم يوجد ذلك.

قال ابن الصباغ: وهما فاسدان؛ لأنا إن قلنا: لا تضم، فالنقاء الذي بعد الدم حيض يكمل به [من غيره] وإن قلنا: تضم، فالدم كله حيض واحد، وهو زائد على أقل الحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>