للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبب اختلاف الأصحاب في ذلك: أن الشافعي قال: "والصفرة والكدرة في أيام الحيض [حيض] "، فقال ابن سريج ومن معه: أراد بأيام العادة، الأيام التي يمكن أن تكون حيضاً، وهي الخمسة عشر، وإن تجاوزت أيام العادة. وقال الإصطخري: أراد أيام العادة نفسها؛ أخذاً بظاهر النص. وقد كان أبو إسحاق المروزي يقول به فرجع إلى الأول، ولأنه وجد نص للشافعي في العدد على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وسواء كان لها أيام قبل ذلك، أو لم يكن، قال: فلما جعل حكم المبتدأة وذات الحيض سواء دل على ما رجعت إليه، وإن كان خلافه أصح في القياس، وهؤلاء يحملون قول أم عطية على ما بعد الخمسة عشر يوماً على أنه جاء في رواية أبي داود أنها قالت: [كنا] لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً.

قال: وإن عبر الدم الأكثر- أي: بفتح الراء؛ إذ التقدير: عبر الدم أكثر مدة الحيض فجاوز خمسة عشر يوماً، فلا سبيل إلى جعله بجملته حيضاً كما تقدم. لكن ما يكون منه حيض؟

ينظر كما قال الشيخ: فإن كانت مميزة، وهي التي ترى في بعض الأيام دماً أسود، وفي بعضها دماً أحمر كان حيضها أيام الأسود؛ لقوله- عليه السلام- لفاطمة بنت أبي حبيش: "إِذَا كَانَ دَمُ الحيضِ فَإِنَّهُ دَم أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكي عَنِ الصَّلاَة، وإذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِ، وَصَلِّي؛ فَإنَّما هُوَ عِرْق .. "، أخرجه أبو داود والنسائي.

وأطلق الشيخ القول بأن الحيض الأسود موافق للخبر، وهو محمول على ما إذا اجتمعت شرائط الحيض فيه، أما إذا فقدت أو بعضها، فلا تمييز، وظاهر [كلامه] يقتضي أموراً:

أحدها: حصر المميزة في المتصفة بما ذكره، ولا قائل به من الأصحاب، بل هم متفقون في الطريقين على أن المميزة من انقسم دمها إلى قوي وضعيف. نعم، اختلفوا فيما به الاعتبار في القوة والضعف:

<<  <  ج: ص:  >  >>