للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن الحداد: إن عزل عنها لم يكن رجوعاً، وإن لم يعزل كان رجوعاً، وزعم أنه أخذ ذلك من قول الشافعي- رضي الله عنه- في الإملاء: لو حلف لا يتسرى، فوطئ جارية له، فإن كان يعزل عنها، فهو غير مُتَسَرٍّ ولا حنث عليه، وإلا فهو متسر، وقد حنث.

قال: فلما جعل التسري طلب الولد لا الاستمتاع، دل ذلك على الفرق بينهما، وكان طلب الولد رجوعاً في الوصية دون الاستمتاع، وهذا ما حكاه الإمام والقاضي الحسين، والبغوي في باب وطء المدبرة، وقال الإمام هنا: إن من أصحابنا من قال: إن الوطء رجوع كيف فُرِضَ، وهذا أضعف الوجوه، وإن قول ابن الحداد، هو الطريقة المستقيمة.

قال: وإن أوصى بشيء، ثم أزال اسمه؛ بأن كان قمحاً فطحنه، أو دقيقاً فعجنه، وعجيناً فخبزه، كان ذلك رجوعاً؛ لأنه زال عنه الاسم؛ فلم يبق متناولاً لوصيته.

ولأنه قصد استهلاكه بالأكل، وذلك دليل على قصد الرجوع.

وهكذا لو قلا الحنطة سويقاً، أو عمل منها شيئاً، أو بلها بالماء، أو بذرها.

ولو كان الموصي به خبزاً يابساً، فدقه فتيتا، ففي كونه رجوعاً وجهان، في تعليق أبي الطيب وغيره.

قال: وإن كان غزلاً فنسجه، أو نُقْرَة فضربها دراهم، أو ساجاً فجعله باباً- فقد قيل: هو رجوع؛ لزوال الاسم، وهذا أصح في الشامل، وبه جزم الماوردي في مسألة نسج الغزل وطبع النقرة دراهم.

وقيل: ليس برجوع؛ لأن الاسم باقٍ عليه مع التقييد.

قال بعضهم: وهذا الوجه غريب في مسألة نسج الغزل. وكأنه لم يقف على تعليق القاضي أبي الطيب والشامل؛ فإنهما حكيا الخلاف في الصور الثلاث، كما حكاه الشيخ وهو جار في تجفيف الثمار عند خشية الفساد.

وقد أجرى وجه الرجوع في تقديد اللحم، والمذهب خلافه.

كما أن المذهب: أن شَيَّهُ رجوع، وخلافه وجه بعيد حكاه في البحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>