للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الخلاف مخصوص بما إذا جهل الولي حال الزوج، فإن علم فلا خيار له. كذا قاله الحناطي وصاحب "التهذيب" والإمام، وطرده القاضي ابن كجٍّ وآخرون في حالتي الجهل والعلم، وقالوا: إنه ليس عاقداً لنفسه حتى يلزم حكم علمه.

وذكر مجلي عند العراقيين القولين في أن الولي هل يختار في حال الصغر أم لا؟

أحدهما: أنّ له ذلك، ولم يفرقوا بين العلم والجهل.

والثاني: التفرقة بين حالتي العلم والجهل؛ فيثبت في حال الجهل دون حال العلم.

قال: ولا يصح النكاح إلا بحضرة شاهدين، أي: مكلفين ذكرين، حرين [عدلين] مسلمين، أي: وإن كانت الزوجة ذميّة، عدلين، أي: في الظاهر، ويكونان ممن تقبل شهادتهما لكل واحدٍ من الزوجين وعليه.

وإنما اعتبرنا حضور الشاهدين؛ لقوله- صلى الله عليه وسلم-: "لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ"، والمعنى فيه: الاحتياط للأبضاع، وصيانة للنكاح عن الجحود، ولأن القصد من النكاح الاستمتاع وطلب النسل؛ فشرع فيه الإشهاد وجوباً؛ لحفظ النسب وزوال التهمة.

وإنما اعتبرنا الذكورة؛ لظاهر الخبر؛ لأن لفظ "الشاهدين" يقع على ذكرين، وعلى ذكر وأنثى، والثاني غير مراد؛ لأن الخصم يوافق عليه؛ فتعين الأول.

ولأنه ليس بمال، ولا المقصود منه المال، ويطلع عليه الرجال؛ فلا يستقل به النساء، ولا يستتبع الرجال فيه النساء؛ قياساً على القصاص.

وإنما اعتبرنا الحرية [والتكليف] والإسلام؛ لأن المقصود بحضور الشاهدين لا يحصل بدون ذلك.

وإنما اعتبرنا العدالة، وهي ترك الفسق؛ لظاهر الخبر، ولأن النكاح لا يثبت بشهادة الفاسقَيْنِ؛ [فلا ينعقد بحضورهما كالعبدين.

ونقل الجيلي قولاً: [أنه ينعقد بشهادة الفاسقين].

فإن قيل: ما الفرق بين تحمل الشهادة في النكاح وبين سائر التحملات؛ حيث لا تعتبر فيها الصفة المعتبرة حال أداء الشهادة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>