للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وقيل: هو كناية، وهو الأصح، واختيار القفال، لأن هذا اللفظ لم يثبت له شيوع في العرف، ولا تكرار في القرآن، [وليس] جارياً على قياس اللسان؛ فلم يكن صريحاً، وإنما كان كناية؛ لأن المصدر قد يستعمل بمعنى اسم الفاعل؛ قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَاتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: ٣٠] أي: غائراً؛ فكذلك ها هنا يصير اللفظ بالنية كأنه قال: أنت طالق، وقد استعمل في الشعر بمعنى الطلاق قال الشاعر:

وإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تخرقي يا هند فالخرق ألأم

فأنت طلاقٌ والطلاق عزيمة ... ثلاثاً، ومن يخرق أعق وأظلم

فبيني بها إن كنتِ غير رفيقة ... فما لامرئ بعد الثلاث مقدم

فرع: حكى الرافعي: عن التهذيب: أنه لو قال: أنت نصف طلقة فهو كناية كقوله: أنت طلقة.

قال: وإن قال: أنا منك طالق، أو فوض الطلاق إليها، فقالت: أنت طالق، فهو كناية؛ لأن مأخذ الصراحة القرآن والإشاعة في الاستعمال، ولم يوجد واحد منهما.

قال: لا يقع إلا بالنية؛ إذ هو شأن الكنايات، وإنما وقع بالنية؛ لأن الزوج في حجر النكاح على الجملة؛ من حيث إنه لا يتمكن من نكاح أربع سواها، ولا يتمكن من نكاح أختها ونحوها من الأقارب اللاتي يحرم الجمع بينهن، والطلاق حل لذلك الحجر؛ فيصح إضافته إلى الزوج كالمرأة.

والمراد بالنية هنا: أن ينوي إضافة الطلاق إلى الزوجة، لا مجرد الطلاق، وإلا فقد تقدم أن الكناية لا يقع بها طلاق إلا بالنية.

ووجه اعتبار ذلك: أن الزوج ليس محلاً في العادة لإضافة الطلاق إليه؛ ولذلك كان اللفظ كناية، وإذا كان كذلك فلابد أن ينوي المحل الذي تصح الإضافة إليه، وهو الزوجة؛ [و] هذا هو الذي عليه الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>