للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقع الطلاق؛ كما لو قال لامرأته: إن شاء زيد فأنت طالق؛ فإنه يقتضي مشيئة جديدة من زيد، لا المشيئة الماضية.

والثاني- هو طريقة الفقهاء-: أنه لم يقع؛ لأنه علق الطلاق بالمشيئة، ونحن ما تحققنا المشيئة؛ فالطلاق لا يقع؛ لأن الأصل بقاء النكاح؛ كما لو قال [لها]: أنت طالق إن شاء زيد [ثم مات] زيد، ولم تتحقق مشيئته، لا يحكم بوقوع الطلاق؛ كذلك ها هنا.

واختار الحليمي التوجيه الثاني، واعترض على الأول بأن قضيته: أن يقع ثلاث طلقات فيما إذا قال: أنت طالق ثلاثاً في الأصل إن شاء الله تعالى، ثم قال: أنت طالق، [فإنا قد عرفنا] مشيئة الله- تعالى- حيث وقع الطلاق.

قال الرافعي: ولك أن تقول: إنما يلزم ذلك أن لو كان المعنى إن شاء الله أن تطلقي.

أما إذا كان المعنى: إن شاء الله أن تطلقي ثلاثاً؛ فلا يلزم.

ثم قال: والظاهر الثاني؛ لانصراف اللفظ إلى جملة المذكور.

ثم مشيئة الله تعالى وإن كانت قديمة، لكنها تتعلق بالحادث، ويصير الحادث عند حدوثه مراداً؛ فقوله: إن شاء الله تعليق بذلك التعليق المتجدد؛ هذا هو المشهور، والمنصوص عليه في المختصر وغيره.

ومن مقتضى التوجيه الأول: أن يكون في وقوع الطلاق في الحال قول كما في التعليق على صعود السماء، ونظائره على ما سيأتي، وقد حكى عن رواية صاحب التقريب و [رواية] الشيخ أبي علي، لكن أخذه بعضهم من نص مروي في الظهار: أنه لو قال: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله: أنه يكون مظاهراً، ووجهه: أنه استثناء رفع الطلاق أصلاً ورأساً؛ فأشبه الاستثناء المستغرق.

وفرق الأصحاب بينه وبين الاستثناء المستغرق: بأن الاستثناء المستغرق كلام متناقض غير منتظم، وها هنا التعليق منتظم، والصفة المعلق عليها قد تعلم، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>