للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "التتمة": إنما لم يقع المعلق؛ لأن التعليق مستحيل لفظاً ومعنى:

أما استحالة اللفظ، فهو أن قوله: متى وقع عليك طلاقي شرط، وقوله: فأنت طالق قبله جزاء، والجزاء يجب أن يكون مرتباً على الشرط حتى يصح النظم، فأما إذا كان سابقاً عليه، فلا [يكون الكلام منتظماً].

بيانه: [أنه] لو قال: إن جئتني أكرمتك، [كان صحيحاً]، ولو قال: أكرمتك قبل أن تجيء، لم يكن كلاماً صحيحاً.

وأما من حيث المعنى؛ فهو أن المشروط لا يثبت قبل شرطه، فإذا أوقعنا الذي قبله، فقد قدمنا المشروط على الشرط.

وأيضاً: فإن ما قبل الزمان الذي يتلفظ فيه بالطلاق زمان ماض، والزوج ليس يملك إيقاع الطلاق في الزمان الماضي حتى لو قال: أنت طالق أمس، يقع في الحال على ظاهر المذهب؛ وهذا ما ذهب إليه أبو العباس بن القاص صاحب التلخيص، وأبو زيد المروزي، ونقل عن ابن سريج مثله في نظير المسألة، وصححه الغزالي في آخر عمره.

قال الرافعي: ويشبه أن تكون الفتوى به. [انتهى].

وكان شيخنا الشريف عماد الدين يختار هذا القول، ويوجهه بأن الشرط والجزاء ها هنا لا يجتمعان؛ فيكونان كالمتضادين؛ فلا يوجدان؛ فلا يرتبط أحدهما بالآخر، وإذا انتفى الربط فهو المغني من بطلان التعليق ضرورة أن شرطه ها هنا لا يجامع جزاءه؛ فيصير وجوده كعدمه، وكأنه لم يقع فيقع المنجز.

ووجهه أبو الفتح العجلي بأنه لو صح هذا التعليق، لزم منه محال، وهو تمليك أربع طلقات؛ [لأنه علق ثلاث طلقات] على وجود طلقة، والثلاث غير تلك الواحدة؛ فإن الشرط غير الجزاء، ولابد وأن يكون ذلك مملوكاً له؛ ليصح التعليق؛ ألا ترى أنه لا يصح تعليق طلاق امرأة سينكحها؛ لأنه لا يملك طلاقها؛ فظهر أنه يلزم من [تصحيح] هذا التعليل تمليك أربع طلقات، وهو محال؛ فيلغو.

<<  <  ج: ص:  >  >>