للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة بلفظ المشيئة، [لا] بما في الباطن؛ ألا ترى أنه لو علق بمشيئة أجنبي، فقال: شئت، صدق، ولو كان التعليق [بما] في الباطن، لما صدق [عليه]، كما لو علق طلاق ضرتها بحيضها، ويخالف ما إذا علق بحيضها، فقالت: حضت، وهي كاذبة؛ لأن دم الحيض محسوس مشاهد، وإنما اعتبرنا قولها فيه؛ لأنها مؤتمنة، والمشيئة لا تحس؛ فلا تعرف إلَّا من جهتها فكان التعليق بقولها: شئت.

قال الرافعي: ويجري الخلاف فيما لو علق بمشيئة زيد، فقال زيد: شئت، وهو كاره بقلبه.

وفي النهاية [أن] في كلام القاضي ما يدل على أن أبا يعقوب يقول بالوقوع في هذه الصورة، بخلاف المسألة قبلها؛ حيث قال: إن تعليق الطلاق على مشيئتها فيه معنى التمليك، [وهو يعتمد الإرادة، ومحلها القلب، وليس في تعليق الطلاق على مشيئة زيد معنى التمليك]، فهو لفظ مجرد منه ظاهراً وباطناً.

قال الإمام: وأبو يعقوب أفقه من أن يسلم الفرق بين المسألتين، [و] لكن المسألة تدور على نكتة، وهي أن المرأة لو أرادت الطلاق [بقلبها]، ولم تنطق بالمشيئة، فإن كان أبو يعقوب يزعم أن الطلاق يقع باطناً؛ لتحقق إرادة القلب، ولكن لا يقع الحكم به؛ لعدم الإطلاع؛ فيستمر كلامه.

وإن سلم أن الطلاق لا يقع باطناً؛ فيضعف ما ذكره، ويتبين أن يتعلق الطلاق باللفظ المجرد.

والذي يجب القطع به: أنها إذا أرادت بقلبها، ولم تنطق: أن الطلاق لا يقع باطناً ولا ظاهراً، فإن شرط جوابها أن يكون على صفة الأجوبة، والكلام الجاري في النفس لا يكون جواباً.

وأبدى الرافعي في الوقوع تردداً.

فرع: لو كان في المشيئة فقالت: شئت، وكذبها، إن قلنا: إن المعلق عليه اللفظ، فالقول قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>