للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخريجاً من اختلاف قوليه في المكره، وحكى القاضي الحسين في هذه الصورة في آخر الفصل عن بعض: أنا إن لم نوجب القود على المكره، فهاهنا أولى، وإن أوجبناه على المكره، فهاهنا قولان، والفرق [: أن] المكره قتل لإحياء نفسه [وحده] لا غير؛ فكان كما لو قتله للمجاعة، وأما هاهنا: [فإنما] قتله لإعلاء كلمة الله تعالى، دفعاً عن المسلمين لا عن نفسه وحده، وهذه الطريقة تأتي في الحالة الأولى التي حكينا عنه فيها الطريقين من طريق الأولى، وأما الكفارة، فتجب على كل حال، وفي وجوب الدية خلاف سبق.

أما إذا تترسوا بهم في غير حال القتال، فالذي جزم به القاضيان أبو الطيب والحسين، وابن الصباغ والماوردي وغيرهم: منع الرمي، وأنه إذا رمى فأصاب مسلما قصده، [وجب] القصاص [قولا] واحدا، وكذا الدية عند العفو.

قال ابن يونس: [وقيل بجواز] رميهم بكل حال كما لو تترسوا بالنساء والصبيان، وليس بشيء؛ لأن حرمة المسلم آكد، وحكم المستأمن والذمي في دار الحرب في جميع ما ذكرناه حكم [المسلم] إلا في وجوب القود، قاله الماوردي والرافعي وغيرهما.

فرع: إذا تترس كافر بمال مسلم أو فرسه، فإن كان في غير القتال فلا يجوز أن يقصد المتترس، وفي حال القتال، إذا اضطر إلى قصد المتترس فلا يقصد الترس، فإن بلغ إلى حالة لا يصل إلى [المتترس] إلا بأن يقصد الترس، فله ذلك، وهل يجب عليه الضمان؟ قال القاضي الحسين: إن قلنا في النفس يجب القود قولا واحدا، [فهاهنا يجب الضمان قولا واحدا]، وإن جعلنا في القود قولين، فهاهنا لا يجب ضمان المال، وليس كما إذا أكره على إتلاف مال الغير؛ فإن قرار الضمان على المكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>