للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجدار، فكذلك هاهنا- قال الإمام والقاضي أبو الطيب وغيرهما: قلنا: الجدار بين الملكين في أيدي مالكهما؛ من حيث إنه جزء من كل دار؛ فكان هذا التمسك بالجزئية أولى من التعلق بوضع الجذع، والعرصة هاهنا في يد صاحب البناء والشجر؛ فلذلك كان القول قوله.

ونظير ذلك: أن الدار إذا كانت مشحونة بأمتعة إنسان، وكان لا يسكنها أحد- فالدار تحت يد صاحب الأمتعة. ولو كان يسكنها رجلان، ولأحدهما أمتعة- فلا نظر إلى الأمتعة مع سكونهما.

وأيضاً: فإن من العلماء من يرى إيجاب وضع الجذوع على حائط الغير، ولم ير أحد منهم [إيجاب] بناء حائط في ملك الغير، ولا غرس شجرة فيه، وذلك يدل على الفرق بينهما.

قال: وإن ثبت له ذلك بالإقرار- أي: بإقرار المنازع- فقد قيل: القول قوله؛ كما لو قامت له بينة به؛ وهذا أصح عند النواوي وغيره.

وقيل: هو بينهما.

قال المحاملي في "المجموع": لأن الإقرار يثبت له ملك البناء والغراس؛ فلا ينقل ملك غيره.

ومعنى هذا: أنه لولا الإقرار، لكان البناء وأساسه، والغراس ومغرسه بينهما عند التنازع فيه، فالإقرار بالبناء والشجر أخرجهما من ذلك الحكم؛ فبقي ما عداهما على حكمه.

فإن قيل: هذا موجود في حال قيام البينة؛ فكان ينبغي أن يكون الحكم كذلك؟

قلنا: الفرق بينهما: أن ثبوت الملك بالبينة لا يدل على [أن] ما شهدت به [البينة] في يد المشهود عليه؛ لما تقدم أنها تسمع عند قيام المنازعة، وإذا لم تدل على ما ذكرناه، كان ثبوت البناء الشجر له بالبينة مرجحاً لجانبه بالمعنى الذي ذكرناه فقوي؛ فلذلك كان القول قوله.

وثبوت الملك بالإقرار يقتضي أن يكون المقر به في يد المقر بحيث لو ادعى أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>