وهناك خمسةٌ وعشرونَ ألفَ خليَّة سمعيَّةٍ تلتقطُ السمعَ، وتنقلهُ إلى الدماغِ كي تدركَ، وحتى هذه الساعةِ لا يستطيعُ العلماءُ أن يكتشفوا كيف تستطيعُ الأذنُ أنْ تُفَرِّقَ بين النَّغَمِ والضَّجيجِ.
لماذا حينما تُسحَق قطعةُ زجاجٍ تحتَ البابِ تشعرُ أنك ستخرجُ من جِلْدِك؟ ولماذا إذا وقفتَ أمامَ شلالٍ فيه صوتٌ صاخبٌ تأنسُ به؟ هذا ضجيجٌ، وهذا نَغَمٌ، كيف تفرِّقُ بين النغمِ والضجيجِ؟ وكيف تلتقطُ هذه الأذنُ مئاتِ ألوفِ الأصواتِ، ولكلِّ صوتٍ نبرةٌ خاصةٌ تسجَّلُ في الذاكرةِ؟ كيف تقولُ لفلان عبْرَ الهاتفِ: أنت فلانٌ؟ ما هذه الحساسيةُ في الأذنِ التي تخزِّنُ الأصواتُ، ففي ذاكرةِ الإنسانِ مئاتُ، بل ألوفُ الأصواتِ الخاصةِ؟
ما زالتِ الأذنُ سرّاً من أسرارِ صنعةِ اللهِ عزَّ وجل، ما زالت الأذنُ آيةً دالةً على عظمةِ الله عزَّ وجل.
ما عُرِضَ هنا أمورٌ مختصرةٌ جدًّا، لكن لو اطلعتم على ما في هذه الأذنِ من عجائبَ بالتفصيلِ لسجدتُم للهِ عزَّ وجل تعظيماً وشكراً.
[إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا]
مِن آياتِ اللهِ الكونيةِ الدالةِ على عظمتِه، ومِن تطابقِ آياتِ القرآنِ مع خَلقِ الإنسانِ ما يؤكِّدُ أنّ هذا القرآنَ مِن عندِ اللهِ تعالى، وأنّ هناك تطابقاً عجيباً، وأبديّاً، وسرْمدِيّا بين ما جاءَ في القرآنِ، وما جاءَ في معطياتِ العلمِ، يقولُ ربُّنا سبحانه وتعالى:{إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}[الإنسان: ٢] .