سمكةٌ في أعماقِ البحارِ يدرسُها الطلاّبُ في مادَّةِ العلومِ الحيويّةِ، يسألُ العلماءُ: كيف تولِّدُ هذه السّمكةُ تلك الطاقةَ الكهربائيّةَ؟ شرَّحوها فإذا على جَنْبيْها مواشيرُ سُداسيّةٌ، هي بِمنزلة الخلايا الكهربائيّةِ، عن طريقِ الطاقةِ الكيميائيّةِ تتولّدُ هذه الكهربائياتُ في أجسامِها، فوجدوا أنّ في السَّمكةِ الواحدةِ ما يزيدُ على أربعمئةِ خليّةٍ كهربائيّةٍ، هذه الخلايا مُرتبطةٌ بعضُها مع بعضٍ عن طريقِ التسلسلِ، حيثُ إذا صَدَرَ أمرٌ من دماغِ السّمكةِ فإنها تفرغُ شُحناتِها دفعةً واحدةً باتّجاهِ العدوِّ، والشيءُ العجيبُ دِقّةُ توصيلاتِ هذه الخلايا، ووصْلُ الأمر بِتَفريغِ شحناتِها بالدّماغِ شيءٌ يأخذُ بالألبابِ؛ أربعمئةُ خليّةٍ كيميائيّةٍ تستطيعُ أنْ تُصدرَ تيَّاراً كهربائيّاً صاعقاً، تزيدُ شدّتُه على ستّمئةِ فولط، يموتُ الإنسانُ بهذا التيارِ فوْراً، فلو أنّ سمكةً أرسلتْ لِسابحٍ هذه الصّعقةَ فإنّها تميتُه فوراً، واللهُ يقولُ:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق}[فصلت: ٥٣] .
فهذه سمكةٌ تصدرُ تياراً كهربائيّاً يزيدُ على مئتين وعشرين فولطاً، وسمكةٌ أخرى تصدرُ تياراً كهربائيّاً يزيدُ على ستّمئة فولطٍ! وُضِعَت هذه السمكةُ على قماشٍ مبلّلٍ قبلَ أنْ تموتَ، وأمْسَكَ بالقماشِ المبلّلِ رجلٌ، وأمسكه رجل آخرُ، إلى أنْ أصبح الرّجالُ ثمانيَةً، فما إنِ اتَّصَلَت الدارةُ حتى انتفضَ الرّجالُ الثمانيةُ من شِدّةِ صعْقةِ هذه السمكةِ.
إنّ مخلوقاتِ اللهِ عز وجل دالّةٌ على عظمتِه، وعلى قدرتِه، وعلى علمِه، وعلى خِبرتِه، {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير}[الملك: ١٤] .
[ثعبان الماء الكهربائي]
في مجارِي المياهِ العذبةِ في البرازيلِ، وفي حوضِ نهرِ الأمازون تعيشُ وحوشٌ مائيةٌ غريبةٌ، تُسمَّى ثعابينَ الماءِ الكهربائيةَ، وهي مشحونةٌ بكهرباء قويةٍ جداً، إذ يكفي أنْ يلمسَها الإنسانُ مرةً واحدةً ليصابَ بصدمةٍ كهربائيةٍ لا ينساها طوالَ حياتِه.