هذه الأرقامُ، والسرعةُ، والأعدادُ، والمسافاتُ الفلكيّةُ شيءٌ لا يستطيعُ هذا العقلُ تصوّرَه.
تدورُ الأرضُ حولَ نفسِها بسرعةِ ألفٍ وستّمئة كيلو مترٍ في الساعةِ، والأرضُ تدورُ حولَ الشّمسِ بسُرعةِ ثلاثين كيلو متراً في الثانيةِ، والشمسِ تجري لمستقرٍّ لها بسُرعةِ مئتي كيلو مترٍ في الثانيةِ، والمجرّةُ بسُرعةِ مئتين وأربعمئة ألف كيلو مترٍ في الثانيةِ، أيْ قريباً مِن سرعةِ الضّوءِ، ومع ذلك مِن أجْلِ أنْ تدورَ الشّمسُ حوْلَ نقطةٍ في المجرّةِ تحتاجُ إلى مئتين وخمسين مليون سنةٍ، واللهُ عز وجل يقول:{أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السمآء كَيْفَ رُفِعَتْ * وإلى الجبال كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ}[الغاشية: ١٧-٢٠] .
قبْلَ عهدٍ مِن الزّمن حَصَلَ انفجارٌ في قلْبِ مجرّةٍ لها رَقْم (٢٨M) ، فامْتدَّتْ ألسنةُ اللَّهبِ مئاتِ ملايينِ الكيلومتراتِ، وقد شعَّتْ من هذا الانفجارِ طاقةٌ تدميريّةٌ تُعادِلُ ألفَيْ بليونِ بلْيونِ قنبلةٍ هيدروجينيّةٍ، وهذا مظهرٌ مِن مظاهرِ اسمِ الله (القويّ) ، مع أنّ هذه القنبلةَ الواحدةَ كافيةٌ لِتَدميرِ أكبرِ مدينةٍ على وجهِ الأرضِ، فكيف إذا كان هذا الانفجارُ يساوي ألفيْ بَليون بليون قنبلةٍ هيدروجينيّةٍ؟!.
قال تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء}[فاطر: ٢٨] ، فكلّما اتَّسَعتْ معرفتُك بالكونِ ازدادَتْ خشْيتُك، نحن على وجهِ الأرضِ، والأرض كوكبٌ صغيرٌ صغِيرٌ، الأرضُ تدورُ حولَ الشمسِ، والشمسُ تدورُ حولَ نجمٍ في المجرّةِ، والمجرّةُ تدورُ حولَ نقطةٍ وهميّةٍ في الفضاءِ، وكلٌّ يَدور، قال تعالى:{والسمآء ذَاتِ الرجع}[الطارق: ١١] ، أيْ إنّ كلَّ جِرْمٍ في السماءِ يدورُ دَوْرةً إهليلجيّةً حيثُ يرجعُ إلى مكانِ انطلاقِهِ.
تَفَكَّروا في خلْقِ السَّماواتِ والأرضِ، قال تعالى:{الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأرض رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[آل عمران: ١٩١] .