أمَّا البعوضةُ الصغيرةُ التي ذكرها اللهُ عز وجل في قوله:{إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}[البقرة: ٢٦] . ففيها جهازُ رادارٍ، وجهازُ تمييعٍ للدمِ، وجهازُ تخديرٍ، وجهازُ تحليلٍ، أربعةُ أجهزةٍ، وهذه البعوضةُ يرفُّ جناحاها مئاتِ المرات في الثانيةِ الواحدةِ، ولها ثلاثةُ قلوبٍ، قلبٌ مركزيٌّ، وقلبٌ لكلِّ جناحٍ، ولأرجُلِها محاجمُ لتقفَ على السطوحِ الملساءِ، ومخالبُ لتقفَ على السطوحِ الخشنةِ، {إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} .
البعوضةُ معجزةٌ، الخروفُ معجزةٌ، البقرةُ معجزةٌ، الدجاجةُ معجزةُ، خَلْقُ الإنسانِ معجزةٌ، أنواعُ الفواكهِ والثمارِ معجزةٌ، الشمسُ معجزةٌ، فهي تبعدُ عنا مئةً وستةً وخمسين مليونَ كليو مترٍ، ومع ذلك نستدفئ بحرارتِها، ونستضيءُ بضوئِها، ولو أُلْقِيَتِ الأرضُ في جوفِها لتبخرتْ في ثانيةٍ واحدةٍ.
الكونُ كلُّه معجزةٌ، أفيصعُبُ على اللهِ عزوجل أنْ يَنقُلَ النبيَّ عليه الصلاةُ والسلامُ، ويُلغيَ بُعْدَ المكانِ، وبُعْدَ الزمانِ؛ أنْ ينقلَه من مكةَ إلى بيتِ المقدسِ، وأنْ يعرجَ به إلى السماءِ، لو تعمَّقتُم في الكونِ لرأيتُمْ أنّ الأشياءَ المألوفةَ، وغيرَ المألوفةِ هي في قدرةِ اللهِ سواءٌ، تماماً، ولرأيتم أنّ الأشياءَ المألوفةَ، وغيرَ المألوفةِ هي في الأصلِ كلُّها معجزةٌ.
[جسم الإنسان]
هناك في حياةِ كلٍّ منّا آياتٌ معجزةٌ، صارخةٌ، دالّةٌ على عظمةِ اللهِ عزّ وجل، منها جسمُنا الذي هو أقربُ شيءٍ إلينا، ففي رأسِ كلٍّ منا ثلاثُمئةٍ ألفِ شعرةٍ، لكلِّ شعرةٍ بصلةٌ، ووريدٌ، وشريانٌ، وعضلةٌ، وعصبٌ، وغدةٌ دهنيةٌ، وغدةٌ صبغيةٌ.
وفي شبكيةِ العينِ عشرُ طبقاتٍ، فيها مئةٌ وأربعون مليونَ مستقبِلٍ للضوءِ، ما بينَ مخروطٍ وعُصَيّةٍ، ويخرجُ من العينِ إلى الدماغِ عصبٌ بصريٌّ، يحوي خمسمئة ألفِ ليفٍ عصبيٍّ.